للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مات ولا وارث له لكان ميراثه لجماعة المسلمين، ولو جنى جناية لعقل عنه المسلمون، ثم تكون ولايةٌ أقرب من ولايةٍ، وقرابةٌ أقرب من قرابةٍ، وإذا كانت المرأة بموضعٍ لا سلطان فيه، ولا ولي لها، فإنها تصير أمرها إلى من يوثق به من جيرانها، فيزوجها، ويكون هو وليها في هذه الحال؛ لأن الناس لا بد لهم من التزويج، وإنما يعملون فيه بأحسن ما يمكن، وعلى هذا قال مالك -في المرأة الضعيفة الحال-: إنه يزوجها من تسند أمرها إليه؛ لأنها ممن تضعف عن السلطان، فأشبهت من لا سلطان بحضرتها، فرجعت في الجملة إلى أن المسلمين أولياؤها" (١).

وإذا تحقق أن لأهل الحل والعقد وجماعة المركز الإسلامي حقًّا في التطليق فإنه يثبت به حق التزويج أيضًا عند المالكية؛ جاء في المعيار المعرب للونشريسي: "إذا لم يكن بالبلد قاضٍ زوَّج صالحو البلد من أراد التزويج.

وسئل أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي (٢) عن امرأة أرادت التزويج، وهي ثيب ولا حاكم بالبلد، وأولياؤها غيب، ترفع أمرها إلى فقهاء البلد فيأمروا من يزوجها، وكيف إن لم يكن بالبلد عالم ولا قاضٍ أترفع أمرها إلى عدول البلد في البكر والثيب؟

فأجاب:

إذا لم يكن في البلد قاضٍ فيجتمع صالحو البلد ويأمرون بتزويجها.

كل بلد لا سلطان فيه فعدول البلد وأهل العلم يقومون مقامه في إقامة الأحكام. . .

وسئل أيضًا عن بلد لا قاضي فيه ولا سلطان أيجوز فعل عدوله في بيوعهم


(١) المرجع السابق، (٣/ ٧٦).
(٢) أبو جعفر، أحمد بن نصر الداودي، الأسدي، من أئمة المالكية بالمغرب، والمتسمين في العلم، المجيدين للتأليف، من مصنفاته: كتاب القاضي في شرح الموطأ، والواعي في الفقه، والنصيحة في شرح البخاري، توفي سنة ٤٠٢ هـ ترتيب المدارك، للقاضي عياض، (٧/ ١٠٢)، معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة، (٢/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>