للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بموعد نظر الخصومة، وضرب أجل للغائب، ولمن أراد أن يُعِدَّ دفاعه، أو يستدعي شهوده، إلى غير ذلك من الإجراءات المعهودة في نظر الدعاوي أمام المحاكم الشرعية وتبقى نقطة أخيرة في تنظيم إجراءات تلك المراكز، وأسلوب نظر تلك القضايا، وهذا مما قد تتعدد فيه الاجتهادات وتتفاوت فيه التقديرات، ويختلف باختلاف الأماكن والبيئات.

ولا بأس هنا أن نشير إلى بعض ما ذكره فقهاء المالكية من تحديدات وتقييدات في نقاط محددة:

أولًا: عدد الجماعة الذين يُفَوَّضُ إليهم النظر في هذه القضايا:

ذهب بعض المالكية كالشيخ محمد عليش -رحمه الله- إلى أن أقلَّ العدد ثلاثة.

فقال: "وتعبير المصنف كغيره بجماعة يقتضي أن الواحد لا يكفي، وكذا الاثنين" (١).

إلا أن الدردير في شرحه الكبير قال: "وأراد بجماعة المسلمين اثنين عدلين فأكثر" (٢).

وعليه فإن الأحوط ألا يقلَّ العدد عن ثلاثة خروجًا من الخلاف، وكما هو ظاهرُ لفظِ الجماعة، ولأن النقص في العدالة يُجْبَرُ بتكثير العدد، كما أن الثقة بالعدد الأكثر أكبر، واستبداد الواحد بالقضاء ربما أفضى إلى شيء من التهمة، ولا شك أن أعمال المحاكم الشرعية المعاصرة والوضعية معًا فيها هذه اللجنة الثلاثية.

صفات المحكمين:

من بداهة الأمر أن يكون هؤلاء المحكمون من أصحاب الكفاية والدراية في المسائل الشرعية والفقهية خاصة، فلو كانت هذه اللجنة تحكم في أمور النكاح والطلاق ونحوهما فلا غنى بها أن يكون القائمون عليها والمشاركون في عضويتها من أهل العلم بأسباب المفاسخات، والطرائق الشرعية للإثبات، وما يرتبط بذلك من إجراءات،


(١) منح الجليل، لعليش، (٤/ ٣١٨).
(٢) الشرح الكبير، للدردير، (٢/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>