للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: عندما يعقد زوجان مسلمان زواجهما وفقَ قانون وضعي غير مسلم، يجب عليهما أن يتفقا على إخضاع هذا الزواج بآثاره للأحكام الشرعية ما أمكنهما ذلك. ومن الواجب أن يكون مثل هذا الاتفاق رسميًّا إذا سمح القانون بذلك، وإلا يكفي أن يكون خطيًّا في هذه الحالة، وحين يقع خلاف بينهما يختاران حَكَمًا من العلماء، أو من المسلمين القادرين على القيام بهذه المهمة، وهذا الحكم يحاول الإصلاح ما أمكن، فإن تعذَّرَ عليه ذلك حَكَمَ بالتفريق بينهما شرعًا، ويصبح تنفيذُ هذا الحكم الشرعي وفقَ الإجراءات القضائية للقوانين الأوروبية أمرًا مشروعًا، وهو السبيل الوحيد لتنفيذ الحكم الشرعي إذا أراده الطرفان.

وأخيرًا فقد أباح الله تعالى للمرأة أن تبعث حكمًا من أهلها، ويبعث الرجل حكمًا من أهله، أو من غير أهلهِمَا على ما صححه شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، ولتأخذ برأي من يَعْتَبِرُ أن للحكمين التفريقَ إذا اجتمعا عليه، وهم جمع من فقهاء المالكية مع الإمام مالك، وهو أحد قولي الإمام أحمد، ورجحه ابن تيمية، وقبل ذلك هو قول جمع من الصحابة -رضي الله عنهم- (١).

فإذا حكما بالتفريق جازَ لهما عندئذٍ أن يعْتَبِرَا أن الفراق قد وقع حقيقةً، وجاز لها أن تنكح زوجًا غيره بعد انتهاء عدتها (٢).

والله تعالى أعلم.


(١) تفسير القرطبي، (٥/ ١٧٤ - ١٧٩)، مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٣٢/ ٢٥ - ٢٦)، شرح السنة، لحسين
ابن مسعود البغوي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ومحمد زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، دمشق، ط ٢، ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م، (٩/ ١٩٠ - ١٩١).
(٢) من أحكام الأحوال الشخصية للأقليات المسلمة، د. خالد عبد القادر، ضمن بحوث مؤتمر الأقليات المسلمة، ماليزيا ٢٠٠٩ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>