للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتناصر بين المؤمنين، وأنه لا تحل له مفارقتها إلا بنية حسنة؛ كطلب العلم، أو الفرار بالدين، أو الدعوة إلى الله -عز وجل-، أو السعي للرزق ونحوه، مع استصحاب قصدِ العودة متى امتهد له سبيل إلى ذلك، قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: ٥٥، ٥٦].

- تفاوت حكم الإقامة خارج ديار الإسلام بالنسبة للجاليات الإسلامية بحسب الأحوال:

فتشرع لمن كان قادرًا على إظهار دينه، وآمنًا من أن يفتن هو أو من يعول في إسلامه، مع مراعاة ما جاء في الفقرة الأولى من هذا القرار، قال تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: ١٠٠]، وقال تعالى: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت: ٥٦]، وما رواه البخاري من حديث عائشة -رضي الله عنه-: "فالمؤمن يعبد ربه حيث شاء" (١)؛ لإقرار النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - العباسَ ونعيمَ النحام -رضي الله عنهما- في مقامهما في مكة، وكانت حينئذ دارَ شرك. كما في السنن الكبرى للبيهقي (٢).

- وتجب في حق من تعينت إقامته لتعليم الإسلام، ورعاية أبنائه، ودفع شبهات خصومه.

- وتحرم في حق من غلب على ظنه أن يُفْتَنَ هو أو من يعول في دينه، وحيل بينه وبين إقامة شعائر رَبِّهِ ما دام قادرًا على العودة إلى ديار الإسلام آمنًا فيها على نفسه، ولم يكن من المستضعفين الذين استثناهم الله في كتابه؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً


(١) أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب: شهد الفتح، (٤٣١٢) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(٢) السنن الكبرى، للبيهقي، (٩/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>