كتاب فقه النوازل للأقليات المسلمة

أدلة القول الأول - ثالثا: المقاصد الشرعية، والمعقول - ج: 2 - ص: 1109

وانتسب إليها جهرًا؟! (١).

وكيفَ يجوز لمسلم أن ينتظم في جيش يحارب المسلمينَ، وهو يعلم أن ذلك يترتب عليه أن يقتل أخاه المسلم بيده؟ لقد بَيَّنَ الله في كتابه أن المؤمنين أشداء على الكفار رحماء بينهم، وأنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين؛ فكيف تنقلب الصورة بجعْلِ سيفِ المسلم مسلولًا على أخيه المسلم، وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حمل علينا السلاح، فليس منا" (٢).

وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَزوالُ الدنيا أهونُ على الله من قتل رجل مسلم" (٣).

إن للتجنس آثارًا غايةً في السوء على النشءِ والذرية من انحلال وتسيب، وانطماس للهوية، وانتكاس للفطر، ونبذ لأحكام الدين، وإعراض عنه، وموالاة للمشركين، ومعاداة للمؤمنين؛ إذ قد نُشِّؤوا لا يعرفون إلا الكفر، ورضعوا من لبانه، وخالطت مناهجُه لحومَهم ودماءَهم فتنجست بنجاسة الشرك -عياذًا بالله العظيم- ولا يُنازعُ في كون هذا واقعَ المتجنسين، أو أغلبهم إلا مكابِرٌ تسقط مكالمته.

يقول الونشريسي: "فالواجب على كل مؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر السعي في حفظ رأس الإيمان بالبعد والفرار عن مُسَاكَنَةِ أعداء حبيب الرحمن. . .؛ لأن مُسَاكَنَةَ الكفار من غير أهل الذمة والصَّغَارِ لا تجوز، ولا تباح ساعةً من نهار؛ لما تنتجه من الأدناس والأوضار، والمفاسد الدينية والدنيوية طولَ الأعمار" (٤).

---

(١) حكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية، محمد يسري، مجلة البيان، عدد، (٢٤٥)، (ص ١٠).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الديات، باب: قول الله تعالى: "ومن أحياها. . . " (٦٨٧٤)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من حمل علينا السلاح، (٩٨) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعًا.
(٣) أخرجه الترمذي، كتاب الديات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في تشديد قتل المؤمن، (١٣٩٥)، والنسائي، كاب تحريم الدم، باب: تعظيم الدم (٣٩٨٧) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- مرفوعًا. وروي من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- مرفوعًا. وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع وزياداته، برقم، (٥٠٧٧).
(٤) المعيار المعرب، للونشريسي، (٢/ ١٣٨).