وعلاوة على ذلك، فإن المهاجر المسلم يشعر أن تبعات كثيرة تغدو ملقاة عليه، منها: العمل على المحافظة على وجوده الإسلامي ووجود أبنائه، فيعمل جاهدًا لبناء المؤسسات الإسلامية كالمساجد والمدارس والمعاهد والمراكز، وتصبح هذه بذاتها أسبابًا إضافية للاستيطان ليحافظ عليها من جهة، ولأنها هي نفسها تضمن -في نظره- حدودًا مقبولة في وجود إسلامي معقول.
وأما الثانية وهي الهجرة القسرية، والتي تسمى اليوم باللاجئين، فهي من أقسى ما مر ويمر على بعض البلدان الإسلامية، بل إن اللاجئين المسلمين الفارين من اضطهاد أو عدوان أو ظلم جماعي يفوق ٨٧ % من مجموع اللاجئين في العالم عام (١٩٨٣ م)، وهي نسبة كبيرة جدًّا تكشف مدى المخاطر التي تحيط بالمسلمين والمؤامرات الضخمة التي لا تزال تستهدفهم كأمة وشعوب.
فقد بلغ عدد اللاجئين المسلمين عام (١٩٨٣ م) ٩.٣٢٩.٠٠٠ لاجئ من أصل ١٠.٦٦٦.٢٠٠ لاجئ في العالم، وقد أكدت إحصاءات لجنة الولايات المتحدة للاجئين: أن معظم هؤلاء قد فروا من الاضطهاد الذي يتعلق أحيانًا بعوامل عرقية، ولكنها دينية في الأصل. علمًا أن الرقم المبين آنفًا لا يشمل اللاجئين المسلمين في أفريقيا واللاجئين من الحرب بين العراق وإيران، ولا أولئك الذين هُجِّروا من ديارهم ونقلوا إلى نواحٍ مختلفة في الاتحاد السوفيتي أو الصين.
ويلاحظ من هذا التقرير أن نسبة إسهام الدول الإسلامية في حصيلة التبرعات لعام (١٩٨٣ م) لم تتجاوز ٢.٣ % وهو أمر ملفت للنظر حقًّا، غير أنه لا بد من القول بأن بعض البلدان الإسلامية تقوم بالإغاثة أو الدعم بصورة مباشرة خاصة لأولئك الذين يقيمون على أراضيها، فباكستان مثلًا تدفع ٥٠ % من جملة نفقات اللاجئين عندها (١).
(١) من بحث للسيد فضل الله ديلموت، مقدم إلى مؤتمر الأقليات في الرياض، عام ١٩٨٦ م، (ص ٣٩٥).