للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: ١٣]، وقد وضع الآجُرِّيُّ -رحمه الله- كتابه في التوحيد باسم "الشريعة"، وكذا أطلق ابن بطة الحنبلي -رحمه الله- اسم: "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة" على كتابه في التوحيد والعقيدة.

ثانيًا: إطلاق مصطلح الشريعة على الأحكام العملية:

وفيما اختلفت فيه الرسالات الإلهية؛ وذلك أخذًا من قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]، ومن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوةٌ لِعَلَّات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد" (١).

قال الإمام الطبري -رحمه الله-: "الدين واحد والشريعة مختلفة" (٢).

ثالثًا: إطلاق مصطلح الشريعة على التوحيد وسائر الأحكام:

وذلك أخذًا من قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: ١٨].

قال القرطبي -رحمه الله- (٣): "فالشريعة ما شرع الله لعباده من الدين" (٤).


(١) أخرجه: البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} [مريم: ١٦]، (٣٤٤٣)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب: فضائل عيسى -عليه السلام-، (٢٣٦٥).
(٢) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر، دار هجر، القاهرة، ط ١، ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م، (٨/ ٤٩٤).
(٣) أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح، الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي، المفسر الشهير، كان من العلماء العارفين، له مصنفات، منها: الجامع لأحكام القرآن -وهو من أجل التفاسير وأعظمها نفعًا- وكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، والتذكرة بأمور الآخرة. توفي سنة ٦٧١ هـ. الديباج المذهب، لابن فرحون، (٢/ ٣٠٨)، شذرات الذهب، لا بن العماد، (٧/ ٥٨٤).
(٤) الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ط ٢، (١٦/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>