والثقافية، بل وإن من حفظ أديان هؤلاء الأقليات: التأصيل والتنظير لدعوة غير المسلمين إلى الإسلام، وإبراز محاسنه، فهذه الأصول والقواعد الحاكمة لفقه الأقليات يمكن استثمارها لهداية مجتمعات الأكثرية، بما يقوي شوكة أهل الإسلام ويحمي ظهور أبنائه.
وتجدر الإشادة بما حصل في مجتمع كمجتمع ماليزيا اليوم حيث ظهر المسلمون على أهل الملل الأخرى واكتسبت الدعوة إلى الإسلام أنصارًا في كل ميدان، فاندفعت غُربة الإسلام وعَزَّ أهله فسادوا وقادوا.
وبناء على ما سبق: فإن التأصيل لنوازل وفقه الأقليات لا يعني بناءً أصوليًّا علميًّا مجرَّدًا لاستنباط الأحكام الفقهية؛ وإنما يجمع إلى ذلك أصولًا وأبعادًا دعوية تقوم على أساس من تبليغ دعوة الإسلام ورسالته، وتحتل فيه مقاصد الدين الكلية ومراميه العامة الموقع المرموق.
ومرة أخرى فإن هذا التأصيل يخدم التطبيق العملي الذي يترجم عن صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان.
ولا ينبغي أن يصرف عن هذه المحاولة المهمة علاقة هذا الموضوع بالقانون الدولي في الإسلام، واتصاله بجانب من جوانب الفقه السياسي، والذي تعترضه عقبات عملية كثيرة بسبب غياب سلطان الإسلام السياسي أو تغييبه بتعبير أدق؛ لأن للفقه السياسي في الإسلام متطلباته الخاصة، وبيئته المناسبة، وضوابطه المحددة، وكل فقه ينشأ في غير بيئته المناسبة، أو لا تتوفر له متطلباته الخاصة، أو يصدر عن غير أهله -يبدو غريبًا ومضطربًا أحيانًا، أو مائلًا منحرفًا أحيانًا أخرى.
ومع التسليم بذلك كله وغيره من العقبات والصعوبات كغلبة التقليد وكثرة الجمود، وضعف الاجتهاد، وندرة المتأهلين لمرتبته؛ فإن نصوص الشريعة قائمة بين أيدينا وصلاحيتها للتطبيق تحت كل الظروف عقيدة قائمة في قلوبنا، فلم يبقَ إلا