للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله -رضي الله عنه- أيضًا: "يا أيها الناس لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله فيذهب بكم هنا وهنا، فإنكم إن لم تعجلوا بالبلاء قبل نزوله لم ينفكَّ المسلمون أن يكون فيهم من إذا سُئِل سُدِّد وإذا قال وُفِّق" (١).

ومما يبرهن على صلاحية الفقه وسلامته: تعدد المناهج الاجتهادية وتنوع المدارس الفقهية والأصولية، فلم يرجع الفقهاء عند عدم وجدان النص إلى حَدْسٍ أو تخمين، وإنما رجعوا إلى النصوص من طريق آخر ضبطته القواعد والأصول ومناهج القياس وأصول الإلحاق والتفريع، ثم ضبطوا جهدهم بقاعدة نيِّرة تقول: "كل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث؛ فليست من الشريعة" (٢).

وفي أسبوع الفقه الإسلامي الذي عُقد في باريس عام (١٩٥١ م)، وقف نقيب المحامين الفرنسيين ليقول: "لست أدري كيف أُوفِّق بين ما كان يُحكى لنا عن جمود الفقه الإسلامي وعدم صلاحيته أساسًا تشريعيًّا يفي بحاجات المجتمع العصري المتطور، وبين ما نسمع الآن، فقد ثبت بجلاء أن الفقه الإسلامي يقوم على مبادئ ذات


= عمرو ابن أخي المغيرة ابن شعبة، عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ بن جبل، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ "؛ قال: أقضي بكتاب الله؛ قال: "فإن لم تجد في كتاب الله؟ "؛ قال: فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "فإن لم تجد في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في كتاب الله؟ "؛ قال:. . . فذكره. فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدره وقال: "الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله".
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه "التاريخ الكبير"، مصورة عن طبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن، الهند، (٢/ ٢٧٧): "الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة الثقفي عن أصحاب معاذ عن معاذ، روى عنه أبو عون، ولا يصح، ولا يعرف إلا بهذا، مرسل" اهـ، وقال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل" اهـ.
(١) أخرجه: الدارمي، المقدمة، باب: مَن هاب الفتيا وكره التنطع والتبدع، (١٥٥).
(٢) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٣/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>