للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنفروا" (١).

ومن مقاصد هذا الفقه الخاص بالأقليات: تيسير حياتها بإسلامها، ونفي الحرج عنها، ووضع الحلول العملية لمشكلاتها.

مظاهر التيسير ومجالاته:

لقد تعددت مظاهر التيسير في الشريعة الإسلامية، وتنوعت مجالاته، حتى صارت قاعدة: "المشقة تجلب التيسير" (٢) من القواعد التي تدخل كل أبواب الدين، وهذا بيان موجز لمظاهر التيسير ومجالاته:

١ - الرخص التي وضعها الله تعالى لأهل الأعذار: فبرغم أن الفرائض والواجبات جاءت من عند الله سهلة هينة، لا شدة فيها ولا آصار، إلا أن الحق تعالى -برحمته- جعل لأهل الأعذار رخصًا ترفع عنهم الحرج، وتميط عنهم العنت، فالمريض الذي لا يقدر على الصوم له أن يفطر ويقضي، وللمسافر أيضًا أن يقصر الصلاة الرباعية، وأن يجمع بين الصلاتين تقديمًا أو تأخيرًا، ومن لم يستطع أن يصلي قائمًا صلى قاعدًا، فإن لم يستطع فعلى جنبه ووجهه للقبلة، أو مستلقيًا على ظهره ورجلاه للقبلة، ومن افتقد الماء أو لم يقدر على استعماله فله أن يتيمم ويجزئه ذلك عن الوضوء وعن الغسل أيضًا؛ فيستبيح به الصلاة حتى يجد الماء أو يقدر على استعماله، والأعمى والأعرج والمريض لا حرج عليهم في التخلف عن الجهاد بنص القرآن، قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور: ٦١].


(١) أخرجه: البخاري، كتاب العلم، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، (٦٩)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب: في الأمر بالتيسير وترك التنفير، (١٧٣٤) -وعنده: "وسكنوا" بدل "وبشروا"-، من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
(٢) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ٧٦)، والمنثور في القواعد الفقهية، للزركشي، (٣/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>