المسلم المغترب أو المقيم في بلاد غير المسلمين حولَ عبادة أو معاملة، وإنما هي محاولة لمعاونة هذه الأقلية على التحرك كمجموعة منظمة، تتسم بالمرونة والانفتاح المنضبط، دون عائق داخلي؛ وذلك ليتحقق حضورها وشهودها في الواقع الخارجي، وتعاملها مع الآخر بشكل إيجابي، يعطي إيجابية المحافظة وإيجابية الانفتاح بلا سلبيات، ويُحقق المعادلة الصعبة التي تقوم على الحفاظ على الهوية المسلمة للفرد والجماعة، مع الحرص على التواصل مع المجتمع والتأثير الإيجابي فيه.
ومما تجدر ملاحظته أنه قد تقع للجماعة المسلمة حاجات وضرورات كما تقع للأفراد.
"وأعتقد أن من المهم واللازم للفقيه لتكون فتواه عن بينة أن يهتم بالجماعة وضروراتها وحاجاتها المادية والمعنوية، الآنية والمستقبلية، وألا يغفل تأثير هذه الضرورات والحاجات في سير الجماعة وقوتها الاقتصادية، وتماسكها الاجتماعي، وسلوكها الأخلاقي، وتقدمها العلمي والثقافي، وقبل ذلك: هويتها الإيمانية"(١).
ولا شك أن الجماعة في تلك المجتمعات هي الرحمة لهذه الأقليات في هجير الحياة التي لا تحكم بالإسلام، فهي تحيط بأفرادها؛ تعين ضعيفهم، وتشد من أزرهم، وتحقق معاني التكافل والكفاية.
كما أن تقوية شأن الجماعة وتقوية شوكتها في بلاد الأقليات يعين على إبراز وإفراز أهل الحل والعقد لمجتمع الأقلية؛ وهم الذين تناط بهم واجبات الإمام عند فقده أو غيابه، ولا شك أن في نصوص الشرع المطهر ومقاصده ما يدل على أهمية هذا الفقه الجماعي بدءًا من الصلاة والصيام والحج، وانتهاءً بالجهاد، وإقامة الحدود وغير ذلك.
والعناية بهذا الفقه الجماعي يثمر قواعد ينشأ عنها فلاح الجماعة الإسلامية في واقع
(١) في فقه الأقليات الإسلامية، د. يوسف القرضاوي، (ص ٤٧).