"فإذا أفتى -مثلًا- على سبيل الترخيص بجواز القرض بالفائض من أجل شراء البيوت فإن ذلك يجب أن يكون استثناءً مقترنًا بوجوب أن يسعى المسلمون سعيًا حثيثًا إلى استحداث المؤسسات التي تُقرض على أساس غير ربوي"(١).
ولا شك أن النظر في مآلات استمرار الفتيا على نحو من هذا الترخيص سيفضي إلى مآلات لا تحمد عقباها.
وإذا كانت الجاليات غير المسلمة التي تعيش في تلك البلاد قد فرضت احترامًا لعقائدها ومقدساتها وأحكامها فإن على الطائفة المسلمة في تلك الديار أن تحقق مكتسباتها وأن تحرز انتصاراتها، ولا يسوغ أبدًا أن تستنيم لفقه ترخيصي أو تسويغي شدت إليه حاجة ملحة أو ضرورة ملجئة.
ولا شك أنه مما يعين على تحقيق هذا المقصد المهم في حياة الأقليات: السعي إلى تكوين المؤسسات وتدشين الجهات والهيئات التي ترعى الأقليات في تلك البلاد وفي بلاد الإسلام على حد سواء.
ووضع تصور واضح المعالم لمستقبل تلك الأقليات المسلمة في ديار غربتها؛ ليفضي بها إلى دفع غربتها في دينها وفي مجتمعاتها.
وهذا إنما يمكن رسم معالمه وإنضاج شكله المستقبلي من خلال بحوث علمية ومداخلات فقهية استشرافية، وتأصيل منهجي، ومشاركة حضارية يثبت للمسلمين حقهم في الريادة والقيادة، واستحقاقهم للمشاركة في تنمية وهداية تلك المجتمعات.
(١) فقه الأقليات بين فقه الترخيص وفقه التأسيس - المجلس الأوروبي للإفتاء أنموذجيًّا، د. عبد المجيد النجار، (ص ١٨).