للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مغاير لذلك الواقع التاريخي نوعيًّا؛ ولذلك فلا بد من اعتباره سوابق فقهية يتم النظر فيها واستيعابها والعمل على تجاوزها بعد أخذ الدرس منها، والبناء على الأصول التي ساعدت فقهاء الأمة في الماضي على إنتاج ما أنتجوا. . . " (١).

وبكل وضوح فإن هذا الاتجاه لا يخلو من مخاطرة أو مجازفة؛ ولهذا يرد فضيلة الدكتور عبد الله بن بيَّه على هذا الاتجاه فيقول: "ولا يعني ذلك إحداث فقه جديد خارج إطار الفقه الإسلامي ومرجعيته الكتاب والسنة، وما ينبني عليهما من الأدلة؛ كالإجماع، والقياس، والاستحسان، والمصالح المرسلة، وسد الذرائع، والعرف، والاستصحاب، إلى آخر قائمة الأدلة التي اعتمدها الأئمة في أقوالهم وآرائهم العديدة والمتنوعة والتي تمثل ثراءً وسعةً، فقضايا الأقليات قديمة بالجنس حديثة بالنوع" (٢).

ويشير فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي إلى هذه المسألة بقوله: "إن (فقه الأقليات) المنشود لا يخرج عن كونه جزءًا من الفقه العام، ولكنه فقه له خصوصيته، وموضوعه، ومشكلاته المتميزة، وإن لم يعرفه فقهاؤنا السابقون بعنوان يميزه" (٣).

ثم يقول: "فلماذا لا يكون عندنا (فقه الأقليات) كي يهتم بعلاج مشكلاتهم، والإجابة عن تساؤلاتهم، وإن كانت كل هذه الأنواع من الفقه لها جذور في فقهنا الإسلامي، ولكنها غير منظَّمة، وهي مجملة غير مفصَّلة، ناقصة غير مكتملة، مناسبة لعصرها وبيئتها؛ لأن هذه طبيعة الفقه، ولا يتصور من فقه عصر مضى أن يعالج قضايا عصر لم تنشأ عنده، ولم يخطر ببال أهله حدوثها" (٤).

وهذا كله يؤكد بجلاء على أهمية العناية بالتأصيل والتنظير لهذا الفقه ووضع


(١) المصدر السابق، (ص ١١).
(٢) صناعة الفتوى وفقه الأقليات، د. عبد الله بن بيه، (ص ١٦٥).
(٣) في فقه الأقليات المسلمة، د. يوسف القرضاوي، (ص ٣٢).
(٤) المصدر السابق، (ص ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>