بحيث يُستثمر ذلك كله لإبراز قواعدَ شرعيةٍ متميزة يبنى عليها فقه الأقليات، بحيث تخرج في نسق مجموع يمهد لشرحها شرحًا يكشف عن مكنوناتها وتطبيقاتها المتعددة في ساحة نوازل الأقليات المسلمة، لتأتي بعد ذلك عملية استخراج ضوابط خاصة بمعالجة أحوال الأقليات المسلمة، على غرار عمل الفقهاء في صياغة ضوابط أصولية أو فقهية خاصة بباب بعينه أو مجال بخصوصه.
وبطبيعة الحال فإنه لا حرج من استعمال بعض تلك القواعد بصيغتها التي هي عليها، أو إعادة الصياغة بما يحمل معاني ومقاصد فقه الأقليات المسلمة، مع ملاحظة الفروق التي قد تَدِقُّ بين مقاصد الشارع الحكيم وبين مقاصد المكلفين، وغني عن البيان أن عملًا كهذا يحتاج إلى ذهنيةٍ علمية عميقة، وعقلية أصولية دقيقة، وسياج من تقوى الله -عز وجل-، واجتهاد معتبر.
وفيما يأتي محاولة لرصد بعض تلك القواعد المستمدة من منظومة أصول الأحكام والتي يمكن أن تشكل نواة لتلك القواعد الأصولية المقاصدية الفقهية التي يبنى عليها صرح فقه نوازل الأقليات المسلمة.
وجدير بالذكر أن بعض تلك القواعد التي ستَرِدُ، منها: ما هو متمحض في علم أصول الفقه، ومنها: ما يتعلق بأصول الدين والفقه معًا، وأما: ما هو مشترك بين أصول الفقه ومقاصد التشريع وقواعد الفقه، فإننا نختار ما هو الأنسب بالنسبة للأصول فنقدمه، ثم نردف بما هو الأقرب للقواعد الفقهية فيأتي تاليًا بعد القواعد الأصولية المتعلقة بنفس الموضوع.
وسوف تُصاغ هذه القواعد في مجموعات موضوعية ضبطًا لها وتسهيلًا لدراستها.