للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين المذاهب أو أكثرها، أما الضابط فيختص بمذهب معين، بل قد يخالف فيه فقهاء من نفس الذهب (١).

أهمية القواعد الفقهية:

يعتبر علم القواعد الفقهية من أهم العلوم للفقيه والمفتي والقاضي والحاكم والمجتهد؛ إذ به تتدرب العقول في مآخذ ومدارك الأحكام، ومن استوعب القواعد وأحاط بها فقد استوعب الفقه كله، وانفتح له باب للتعرف على أحكام النوازل والمستجدات من خلال معرفة نظائر الفروع وأشباهها وضمِّ المفردات إلى أخواتها وأشكالها.

ومن فوائد هذا العلم:

١ - أنه يضبط الأمور المنتشرة المتعددة، وينظمها في سلك واحد مما يُمَكِّنُ من إدراك الروابط بين الجزئيات المتفرقة ويزوِّد الطلعَ عليها بتصور سليم يدرك به الصفات الجامعة بين هذه الجزئيات؛ ولهذا قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- عن القواعد الفقهية: "تنظم له منثور المسائل في سلك واحد، وتقيد له الشوارد، وتقرب عليه كل متباعد" (٢).

٢ - الضبط بالقواعد يسهل حفظ الفروع، ويغني العالم بالقواعد عن حفظ كثير من الجزئيات والأفراد؛ إذ المسائل الفقهية تعد بمئات الألوف؛ ولا تتسع حافظة أحد للإحاطة بها، فلا بد أن يفوته منها شيء كثير، ولو أدرك أكثرها بمعزل عن القواعد، فقد لا يعرف الرابط بينها ووجه الجمع والفرق، أما حفظ القواعد فهو يكفل له هذا كله بحول الله تعالى وقوته.

ولهذا قال القرافي -رحمه الله-: "ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لاندراجها في الكليات" (٣).


(١) موسوعة القواعد الفقهية، للبورنو، (١/ ٣٥).
(٢) تقرير القواعد وتحرير الفوائد، لابن رجب، (١/ ٤).
(٣) الفروق، للقرافي، (١/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>