للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيد الثاني: الحكم الشرعي، وهو القيد المذكور في جُلِّ تعريفات الأصوليين للاجتهاد، فالاجتهاد بمعناه الاصطلاحي لا يكون إلا لتحصيل الحكم الشرعي، وهذا القيد ليس محل خلف عند الأصوليين القدماء لإدراكهم حقيقة الاجتهاد الذي يقصدون، أما عند المحدثين ففيه خلط منشؤه عدم قصر الاجتهاد على إدراك أو استنباط الأحكام الشرعية.

القيد الثالث: القطع أو الظن: أي: هل الحكم الثابت بالاجتهاد قطعي أم ظني؟

فقد اختلف العلماء في هذا، وجاء تبعًا لذلك اختلافهم في تعريف الاجتهاد.

ويمكن تقسيمهم فيما اختلفوا فيه إلى ثلاث مجموعات:

المجموعة الأولى: عرَّفت الاجتهاد وقيدته بما يفيد العلم بمعناه العام، والذي هو: مطلق الإدراك الشامل للقطع والظن؛ باعتبار أن الأحكام الثابتة بالاجتهاد منها: ما هو قطعي، ومنها: ما هو ظني، ومن هذه التعريفات: تعريف الغزالي؛ حيث يقول: "بذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة" (١). وعرفه ابن قدامة بأنه: "بذل الجهد في العلم بأحكام الشرع" (٢).

المجموعة الثانية: لم تقيد الاجتهاد بأي من القطع أو الظن، وجاءت تعريفاتها خالية من هذا القيد. ومن ذلك: تعريف البيضاوي، حيث يقول: "هو استفراغ الجهد في درك الأحكام الشرعية" (٣). وتعريف الرازي، حيث يقول: "استفراغ الوسع في النظر فيما لا يلحقه فيه لوم مع استفراغ الوسع فيه" (٤).

المجموعة الثالثة: قيدت تعريفها للاجتهاد بما يفيد الظن، حيث تكون الأحكام


(١) المستصفى، للغزالي، (ص ٣٤٢).
(٢) روضة الناظر، لابن قدامة، (ص ٣٥٢).
(٣) نهاية السول، للإسنوي، (٤/ ٥٢٤).
(٤) المحصول، للرازي، (٦/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>