النبوية، وتراجع معنى الحجية في الإجماع والقياس إلى مستوى الوسائل المنهجية أو دوائر الفهم، والفهم بالعموميات من المبادئ الأساسية والقيم الحاكمة والمقاصد العليا والقواعد الكلية لا بالنصوص الجزئية، والمنطق القرآني الكامن في القرآن الذي يقدر الإنسان على كشفه ليشكل قوانين تعصم "العقل الموضوعي" من الشذوذ والخطأ، ويمكن أن توجد قاعدة مشتركة للتفكير بين البشر (هكذا كل البشر!)، ثم اعتبار عالمية الخطاب القرآني، التي يواجه بها الحالة العالمية الراهنة بوصفه كتابًا يقوم على "قواعد إنسانية وقيم مشتركة".
(هذا الاتجاه) لا يمثل تجديدًا عاديًّا، بل تجديدًا جذريًّا، يوشك أن يكون تدميريًّا؛ أهم مآلاته:
١ - أنه لا ينبغي الرجوع إلى أعيان الأدلة التفصيلية (الآيات القرآنية والأحاديث النبوية) بقدر ضرورة العودة إلى أجناسها بفهم عام غير تفصيلي!
٢ - إحلال القيم والمقاصد والمبادئ والقواعد العامة محل الدلالات الخاصة للأدلة التفصيلية؛ بدلًا من أن تأتي الأولى في مقام المعضدات والضوابط للثانية!
٣ - إنشاء قواعد جديدة للترجيح بين الدلالات وفقًا لرؤى جديدة!
٤ - إلقاء غشاوة ثقيلة على الحديث وعلومه، وعلى الفقه وأصوله بذريعة النسبية في مقابل الإطلاق القرآني وحده، بل إن السنة نفسها بجملتها أدرجت في عالم النسبي "الزمكاني" باعتبارها كما يقول فضيلة الدكتور العلواني بيانًا للقرآن وتنزيلاً لقيمه في واقع نسبي محدد.
٥ - فتح المجال أمام أهل الرأي والفكر المجرد من السند الشرعي التفصيلي؛ لكي يتكلموا بكلام الفقهاء في أفعال المكلفين بما ينبغي فعله وما لا ينبغي، على حد تعبير الدكتور العلواني!