وأجازت التبختر بين الصفين في أثناء الجهاد، ونحو ذلك.
وعليه فإذا وُجد بعض الأقليات في أماكن يقصر فيها الوقت كثيرًا، أو يطول الوقت فيها طويلًا بما يوقعهم في حرج من جهة أداء الصلاة على وقتها، أو قامت ببعضهم حاجات شديدة وأعذار غالبة تحول بينهم وبين أداء الصلاة على وقتها، لا سيما مع عدم تمكنهم في بلادهم التي يعيشون فيها كأقليات، أو كانت تطرأ لهم أعذار في أوقات معينة تغلبهم عن أدائها في أوقاتها الشرعية، فلا بأس عند ذلك من إباحة الجمع للعذر والحاجة، كان لم يكن سفر، ولا خوف، ولا مطر، وقد ثبت حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال - صلى الله عليه وسلم -: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا في غير خوف ولا سفر"، وفي رواية:"جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة، في غير خوف ولا مطر"، قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألا يُحرج أمته، وفي رواية عبد الله بن شقيق قال: خطبنا ابن عباس يومًا بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة، قال: فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة، فقال ابن عباس: أتعلمني بالسنة؟ لا أمَّ لك، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء. قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء، فأتيت أبا هريرة فسألته، فصدَّق مقالته (١).
قال ابن حجر: "وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث،
فجوَّزوا الجَمْعَ في الحضر للحاجة مطلقًا، لكن بشرط ألا يُتخذ عادة، وممن قال
(١) أخرجه: مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر، (٧٠٥).