للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الثالث حلَّ ما كان مكروهًا، أو ممنوعًا منه؛ للحاجة إليه.

٤ - وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أن أهل بيت كانوا بالحرة محتاجين فماتت عندهم ناقة لهم، أو بعيرهم، فرخَّص لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في أكلها، فعصمتهم بقية شتائهم أو سنتهم.

وفي رواية: أن رسول الله قال لصاحبها: "أما لك ما يغنيك عنها؟ " قال: لا، قال: "اذهب فكُلْها" (١).

وجه الدلالة:

دلّ الحديث على أنه يجوز للمضطر أن يأكل من الميتة ما يكفيه ما دامت المجاعة باقية، والمخمصة قائمة (٢).

٥ - وعن أبي واقد الليثي -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، إنا بأرض تصيبنا بها مخمصة، فما يحل لنا من الميتة؟ فقال: "إذا لم تصطبحوا، ولم تغتبقوا، ولم تحتفئوا بقلًا، فشأنكم بها" (٣).

وجه الدلالة:

أفاد الحديث أنهم إذا لم يجدوا لبنًا يصطبحون به أول النهار، أو يغتبقون به آخر النهار، ولم يكن لديهم تمر يأكلونه، فقد حلت لهم الميتة (٤).

وقد وردت أحاديث في إباحة مال الغير عند الاضطرار، وأخرى في الدفع عن النفس والعرض والمال، ومن ذلك:

٦ - عن سعيد بن زيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قُتل دون ماله فهو شهيد،


(١) أخرجه: أبو داود، كتاب الأطعمة، باب: في المضطر إلى الميتة، (٣٨١٦)، والإمام أحمد في "مسنده" (٥/ ٨٧، ٨٩، ١٠٤)، وابنه عبد الله في زوائده على "المسند" (٥/ ٩٦، ٩٧). وحسَّن إسنادَه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (٣٨١٦).
(٢) نيل الأوطار، للشوكاني، (٨/ ١٥٠).
(٣) أخرجه: الإمام أحمد في "مسنده" (٥/ ٢١٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى"، كتاب الضحايا، باب: ما يحل من الميتة بالضرورة، (٩/ ٣٥٦)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٣/ ٢٥١). وصححه الحاكم (٤/ ١٢٥).
(٤) نظرية الضرورة الشرعية، د. وهبة الزحيلي، (ص ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>