لا غنى عن مقاصد مستصحبة لحفظ الحياة الدينية للأقليات المسلمة خارج بلادها، مع مراعاة خصوصيات أوضاع الأقليات كلٌّ بحسبه، مع التطلع إلى تبليغ الرسالة ونشر الدعوة، كل ذلك من خلال مراعاة الأولويات في حدود الإمكانات الداخلية للأقليات، والظروف الخارجية المحيطة بها من مختلف الجهات.
فإذا أُعملت قاعدة الضرورات، فأبيح -مثلًا- عند بعض الفقهاء، وبعض مجامع فقه الأقليات شراء مساكن عن طريق التمويل الربوي خارج ديار الإسلام، فإن هذه الإباحة لا تعني بالنسبة للأقليات سوى نفي الحرج والجناح لمن اضطر، وليس الأمر على التخيير بين الفعل والترك، بل الأصل الترك، والاقتراض الربوي حرام فوق كل أرض، وتحت كل سماء.
وحري بكل مسلم أن يبحث عن مخرج شرعي له من ورطات الربا، وأن يبادر إلى التخلص من هذا الإثم والحرام، وأن يشفع ذلك بكثير من الاستغفار، فإن الحرمة باقية، وما رفع هو الإثم أو الإصر، أو المؤاخذة الأخروية.
وبطبيعة الحال؛ فإن هذا الحكم المذكور يجد مشروعيته فيما لو خلت تلك الديار من مؤسسات مالية تمويلية إسلامية، يمكنها تقديم البدائل الإسلامية لقاطني هذه الديار؛ مما يعني أنه إذا كانت ثمة مؤسسات مالية إسلامية تُعنى بتقديم البدائل لهذا التمويل، فإنه يحرم على كل الأفراد التلبس بهذه الطريقة لشراء المساكن، ولا تعد مشاقهم -والحال كذلك- من المشاق التي تجلب التيسير في الحس الإسلامي، بل لا بد من الابتعاد عن هذا الكابوس الشرس الذي يقوم على امتصاص أتعاب الفقراء، والإمعان في إفقارهم، وتضييق الخناق عليهم من كل حدب وصوب.
بل إن الإعراض عن شراء المساكن عبر المؤسسات المالية الإسلامية المتوافرة يعد مخالفة صارخة لتعاليم الدين الحنيف، كما يعد تعمدًا مقصودًا لارتكاب ما نهى الله عنه ورسوله في صريح الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الكريمة، فضلًا عن أن ذلك يعد إضعافًا مقصودًا