للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاضطرار، والافتقار، ونحوهما.

ومن الجهة الاصطلاحية فكلا المصطلحين يتعلقان بمعنى واحد، وهو المشقة، وكل منهما يستدعي التيسير والتخفيف.

ولأجل هذا بُنيت قواعد فقهية متعددة، ومتفرعة على القاعدة الكلية الكبرى: "المشقة تجلب التيسير" ومن ذلك:

- الضرورات تبيح المحظورات بشرط عدم نقصانها عنها.

- الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة.

وإذا كانا على هذا النحو من التقارب اللغوي، فهل هذا يصل إلى حدِّ التطابق الاصطلاحي؟

لو كان الأمر كذلك ما جاز التفريق بينهما بذكر قاعدتين منفصلتين، ولكان الأصوب أن يقال: الضرورات والحاجات تبيح المحظورات.

لكن الصواب أن الحاجة لا يمكن اعتبارها قائمةً مقامَ الضرورة اصطلاحًا، ومطابقةً لمعناها ومؤديةً لمقتضاها تمامَ المطابقة والاقتضاء.

والأصل أن الضرورات وحدها هي التي تبيح المحظورات، وأن هذا الحكم لا ينسحب على الحاجات، وقد قال الشافعي -رحمه الله-: "وليس يحل بالحاجة محرم إلَّا في الضرورات" (١).

وقال أيضًا: "الحاجة لا تحق لأحد أن يأخذ مال غيره" (٢).

وإذا كان الأمر كذلك فإن المصالح الحاجية لا تبيح ما تبيحه المصالح الضرورية، وذلك مبني على أن المشقة الحاصلة في الثانية أفدح منها في الأولى، حتى يطلق على المصالح الضرورية أنها من باب درء المفاسد، كما يطلق على المصالح الحاجية أنها من باب جلب المصالح (٣).


(١) الأم، للشافعي، (٤/ ٥٢).
(٢) الأم، للشافعي، (٣/ ١٩٤).
(٣) منهج التشريع الإسلامي وحكمته، للشنقيطي، (ص ١٦ - ٢٤)، حقيقة الضرورة الشرعية، د. الجيزاني، (ص ٤٧ - ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>