للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان من الفقهاء من أباح الإقامة بدار كفر إذا قدر المسلم على إظهار دينه (١)، مستدلين ببقاء النجاشي المسلم في قومه (٢)، وبأدلة أخرى سوف تأتي في موضعها بمشيئة الله، إلَّا أن هذا الخلاف إنما يتأتى إذا كان قادرًا على إظهار دينه وممارسة عبادته، أمَّا إذا كان مدعوًّا للانسلاخ من دينه بالكلية والفتنة في عقيدته، والصد عن عبادته، فتحرم عندئذٍ الإقامة، وتجب الهجرة إلى مكان خير من مكانه.

ويتأكد طلب الخروج من ديار الكفار إذا كان المسلم المقيم لا يستطيع تربية أبنائه تربية إسلامية، أو كان بيته مهددًا بالتحلل الخلقي، ووجد سبيلًا إلى الإقامة في بلد إسلامي فيه بقية من أخلاقه؛ فالعبرة في الموازنة بين البلدان من حيث الصلاح والفساد (٣).

وقد توجد حاجات شديدة تدعو إلى الإقامة في بلاد القوم، لمن لم يجد سبيلًا إلى الإقامة في بلد إسلامي فيه بقية من أخلاق أو أمان بالنسبة له.

أو تلجئ حاجة طبية أو غيرها إلى إقامة ولو مؤقتة، فتباح عندئذٍ الإقامة، وربما جازت الجنسية في أحوال معينة أخرى، بناءً على تنزيل الحاجة الشديدة والمشقة الكبيرة منزله الضرورة.

ولتحقيق هذا القدر من إقامة الدين والأمن على الأنفس والأموال في غير بلاد المسلمين تمس حاجة إلى مشاركة سياسية، وأخرى اجتماعية، وثالثة اقتصادية.

ومن أجل رفع تلك المشقات، وتلبية تلك الاحتياجات وُجِدَ من يبيح تلك المشاركات السياسية بضوابط شرعية وواقعية (٤).


(١) فتح الباري، لابن حجر، (٧/ ٢٢٩ - ٢٣٠)، الفتاوي الحديثية، لشهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي، دار الفكر، (ص ٢٠٤).
(٢) أخرجه: البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب: موت النجاشي (٣٨٧٧) من حديث جابر -رضي الله عنه-.
(٣) صناعة الفتوى وفقه الأقليات، لابن بيه، (ص ٢٨٤).
(٤) ينظر: قرار المجلس الأوروبي للإفتاء رقم (٥/ ١٦) بتاريخ ١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>