للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"التكاليف كلها راجعة إلى مصالح العباد في دنياهم وآخرتهم" (١).

وابن تيمية -رحمه الله- يقرر هذه القاعدة بقوله: "الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها" (٢).

وعلى نفس المنوال نسج القرافي -رحمه الله- فقال: "فإن أوامر الشرع تتبع المصالح الخالصة أو الراجحة، ونواهيه تتبع المفاسد الخالصة أو الراجحة" (٣).

وقال الرازي -رحمه الله-: "إنا لما تأملنا الشرائع وجدنا الأحكام والمصالح متقارنين لا ينفك أحدهما عن الآخر، وذلك معلوم بعد استقرار أوضاع الشرائع، وإذا كان كذلك كان العلم بحصول هذا مقتضيًا ظنَّ حصولِ الآخر وبالعكس من غير أن يكون أحدهما مؤثرًا في الآخر وداعيًا إليه" (٤).

وينقل الآمدي -رحمه الله- إجماع الأئمة على تعليل الشريعة بجلب المصالح ودفع المفاسد فيقول: "وأما الإجماع فهو: أن أئمة الفقه مجمعة على أن أحكام الله لا تخلو من حكمة مقصودة، وإن اختلفوا في كون ذلك بطريق الوجوب كما قالت المعتزلة، أو بحكم الاتفاق والوقوع من غير وجوب كقول أصحابنا" (٥).

ونقل الطوفي هذا الإجماعَ، فقال: "وأما الإجماع فقد أجمع إلا من لا يعتد به من جامدي الظاهرية، على تعليل الأحكام، بالمصالح ودرء المفاسد" (٦).

وبناءً على ما سبق فإن الظاهرية هم نفاة التعليل في الأحكام الشرعية إلا ما نص فيه على


(١) قواعد الأحكام، للعز ابن عبد السلام، (٢/ ١٢٦).
(٢) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (١/ ٢٦٥).
(٣) الفروق، للقرافي، (٢/ ٥٦٩).
(٤) المحصول، للرازي، (٥/ ٢٤٧).
(٥) الإِحكام، للآمدي، (٣/ ٣١٦).
(٦) شرح حديث: لا ضرر ولا ضرار، ملحق بكتاب: المصلحة في التشريع الإسلامي، د. مصطفى زيد، عناية وتعليق: د. محمد يسري، دار اليسر، القاهرة. (ص ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>