للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه" (١).

وجه الدلالة:

"أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكفُّ عن قتل المنافقين مع كونه مصلحةً؛ لئلَّا يكونَ ذريعةً إلى أن يقال: إنَّ محمدًا يقتل أصحابه؛ لأن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه، وممن لم يدخل فيه، وهذا النفور حرام". (٢)

٢ - عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَحَرَّوْا بصلاتكم طلوعَ الشمس ولا غروبَها؛ فإنها تطلعت بقرنَي شيطان" (٣).

لما كان الكفار يسجدون للشمس في تلك الأوقات نُهي عن الصلاة فيها؛ لئلَّا يكون المصلي متشبهًا بالكفار، وفي المقابل أبيحتِ النوافلُ ذواتُ الأسباب في أوقات النهي، بناءً على أن النهي عن الصلاة كان لسدِّ الذريعة فيباح للمصلحة الراجحة. (٤)

على أن جملة كبيرة من الأحكام يمكن تخريجها على هذا النحو؛ كإباحة النظر إلى المخطوبة، وقد نُهي عن النظر سدًّا لذريعة الفتنة بالنساء، وكإباحة السفر بالمرأة إذا خيف ضياعها كسفرها من دار الحرب، وكسفر أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- لما تخلَّفت عن الركب، فسافرت مع صفوان بن المعطل، فإنه لم يُنْهَ عنه إلَّا لإفضائه إلى المفسدة، فإذا


(١) أخرجه: البخاري، كتاب المناقب، باب: ما يُنهى من دعوة الجاهلية، (٣٥١٨)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب: نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا، (٢٥٨٤).
(٢) الفتاوي الكبرى، لابن تيمية، (٦/ ١٧٤).
(٣) أخرجه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب: الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، (٥٨٢)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، (٨٢٨) -واللفظ له-، من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
(٤) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٢٣/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>