يحكم بالمنع من هذا الفعل؛ عملًا بقاعدة اعتبار المآلِ، أما إذا لم ينحصر استعمالُ الحقِّ في قصد الإضرار بالغير، بل كان الشخص قاصدًا لمصلحة نفسه من الفعل، وصحب هذا القصدَ قصدُ الإضرار بالغير، فإن على الفقيه أن يجري موازنة بين الحقَّين، وذلك على أساس قوة المصالح التي تُستعمل هذه الحقوق لحمايتها، فيقدِّم مصلحة الجماعة في دفع الأضرار العامة على مصلحة الشخص في استعمال حقِّه، ويقدِّم الحقَّ الذي يُستعمل محافظةً على النفس على الحقِّ الذي يُستعمل محافظة على المال، والمصلحةَ الحاجيةَ على التحسينيةِ. . . وهكذا". (١)
وإذا ما نُظِرَ إلى تلك القواعد والأصول جميعًا بنظرة أعمق فإنه يتلمس ما بينها من التقاء واجتماع.
فقاعدة سدِّ الذرائع، والاستحسان، ومراعاة الخلاف، وتقييد الشخص في استعمال حقِّه تتركز حولَ مضمونِ الاستثناءِ، فالاستحسانُ استثناءٌ من الأصول العامة والقواعد الكلية، حين يكون طرد تلك القواعد سببًا في الحرج والمشقة البالغة، ومخالفة مقصود الشارع.
بينما سدُّ الذرائع استثناءٌ من حكم المشروعية بالمنع من الجائز إذا كان يؤدي إلى ممنوع في حالة من الحالات.
أما مراعاةُ الخلافِ فهو استثناءٌ في الأخذ بالراجح للعمل بالمرجوح؛ احتياطًا للمصالح المشروعة.
وكذلك تقييدُ الشخص في استعمال حقِّه فإنما هو استثناءٌ من الأصلِ المتقرِّرِ إذا ترتب على استعمال الحقِّ ضررٌ متعدٍّ مقصودٌ إليه دون غيره.
وبالنظر إلى غاية هذه الأصول والقواعد جميعًا فإنها غاية واحدة تنتهي إلى حفظ المصالح