للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاشك أنها مسالك ضيقة لا يسلكها إلا الخريت الماهر (١).

ومما ينبغي أن يعلم: أن تغير الفتيا بتغير ما ترتبت عليه إنما هو مما يهدف إلى إبقاء الأمور تحت حكم الشريعة وسلطانها، وإن تغيرت صورتها الظاهرة؛ فهو ليس خروجًا على الشريعة واستحداثًا لأحكام جديدة.

وأن التغير في الفتيا هو تغيُّرٌ خاص من حيث الزمان والمكان والشخص، حيث تتغير فقط بالنسبة للزمان أو المكان أو الشخص الذي تغيرت في حقه مسوغات الفتيا، وهذا معناه أن الأمور تكون باقية علي ما هي عليه في بقية الأماكن والأزمان والأشخاص.

وأن أهل العلم عندما قالوا بمراعاة الأصول والعوائد ونحوها إنما قالوا ذلك حتى لا يقعوا في الظلم؛ إما ظلم العباد بإلزامهم بما لم يُلزمهم به الشرع، وإما ظلم أنفسهم بالخطأ على الدين.

والأقليات المسلمة بحاجة إلى فقه هذه القواعد الضابطة والأصول الحاكمة لنوازل وفقه هذه الأقليات التي تعيش خارج أرضها ومحكومة بغير شريعة ربها في أغلب أحوالها.

وهذا يشير إلى أهمية تحقيق المناط، وهو تحقيق العلة المتفق عليها في الفرع، علة حكم ما في محله نص أو إجماع؛ فيبين المجتهد وجودها في الفرع (٢).

ومجال تطبيق هذه القاعدة في نوازل الأقليات يتضح في لجوء الفقيه إلى أهل الخبرة في كل القضايا التي علَّقَ الشارع حكمها على وصف أو شرط أو مانع أو سبب؛ للتحقق من قيام أي منها ليرتب عليه الحكم المناسب (٣).


(١) صناعة الفتوى وفقه الأقليات، د. عبد الله بن بيه، (ص ٢٥٩).
(٢) شرح مختصر الروضة، للطوفي، (٣/ ٢٣٣).
(٣) صناعة الفتوى وفقه الأقليات، لابن بيه، (ص ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>