للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال إمام الحرمين -رحمه الله-: "الإسلام هو الأصل والعصام، فلو فرض انسلال الإمام عن الدين لم يَخْفَ انخلاعُهُ، وارتفاعُ منصبه وانقطاعه، فلو جدَّدَ إسلامًا لم يَعُدْ إمامًا إلا أن يُجَدَّدَ اختيارُهُ" (١).

فإن خلا الزمان عن إمام أو نائبه لموت أو فقد حسي بالأسر أو نحوه، أو فقدٍ شرعيٍّ بالكفر، أو بترك تحكيم الشريعة واستبدالها، آل الأمر إلى أهل الحل والعقد، وعادت الولاية العامة إليهم. قال الجويني: "فإذا شغر الزمان عن الإمام وخلا عن سلطانٍ ذي نجدة واستقلال وكفاية ودراية، فالأمور موكولة إلى العلماء، وحقٌّ على الخلائق على اختلاف طبقاتهم أن يَرجعوا إلى علمائهم، ويَصْدُروا في جميع قضايا الولايات عن رأيهم، فإن فعلوا ذلك فقد هُدُوا إلى سواء السبيل، وصار علماء البلاد ولاةَ العباد، فإنْ عسر جمعهم على واحد استبدَّ أهل كل صقع وناحية باتباع عالمهم" (٢).

وعليه فإن شغور الزمان عن إمام يُعيدُ السلطان إلى الأمة ممثلةً في أهل الحل والعقد فيها، فتصدر عنهم وتأخذ بقولهم؛ حيث صاروا نوابها في إقامة دينها وحفظ أمرها، حتى يجتمعوا على واحد يبايعونه إمامًا.

وعلى ما تقدَّم فإن معنى هذه القاعدة: أن واجبات الإمام لا تسقط بغيابه أو بفقده، إنما تصير إلى نواب الأمة من أهل الحل والعقد، فيقومون بالواجبات العلمية والاجتماعية والسياسية والدينية حتى ينصب الإمام.


(١) غياث الأمم، للجويني، (ص ٧٥).
(٢) المصدر السابق، (ص ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>