للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ميمون بن مهران قال: كان أبو بكر -رضي الله عنه- إذا وَرَدَ عليه الخصم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به وإن لم يكن في الكتاب وعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الأمر سنة قضى به، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين، وقال: أتاني كذا وكذا، فهل علمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في ذلك بقضاء فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه قضاء فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ على نبينا - صلى الله عليه وسلم - فإن أعياه أن يجد فيه سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمعَ رءوس الناس وخيارهم فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به (١).

وقال أبو حصين الأسدي -رحمه الله- (٢): "إنَّ أحدكم ليفتي في المسألة لو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر" (٣).

قال البخاري -رحمه الله-: "وكانت الأئمة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. . . وكان القراء أصحاب مشورة عمر كهولًا كانوا أو شبابًا وكان وقَّافًا عند كتاب الله عز وجل" (٤).

ومما يلتحق بهذا عدمُ التسرع في النفي العام، كأن ينفي كلامًا عن إمام، أو ينفي ورود حديث أو صحته أو ضعفه، أو ينفي الخلاف ويدعي الإجماع، وكثيرًا ما يكون في المسألة خلاف؛ بل ربما يكون مشهورًا.


(١) سبق تخريجه.
(٢) أبو حصين الأسدي، عثمان بن عاصم بن حصين، الإمام الحافظ، الأسدي الكوفي، روى عن جابر بن سمرة، وابن عباس، وابن الزبير -رضي الله عنهم-، وروى عنه أبو مالك الأشجعي، ومحمد بن جحادة، وشعبة، والثوري، قال ابن معين والنسائي وجماعة: أبو حصين ثقة. توفي سنة ١٢٨ هـ. الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم، (٦/ ١٦٠)، وسير أعلام النبلاء، للذهبي، (٥/ ٤١٢).
(٣) أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء (٥/ ٤١٦)، وقال: قال أبو شهاب: سمعت أبا حصين.
(٤) "صحيح البخاري"، كتاب الاعتصام بالكتاب، باب: قول الله تعالى "وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ". . .، (٤/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>