للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهم عن المسألة فيردَّها إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى ترجعَ إلى الأول" (١).

وعن ابن سيرين -رحمه الله-: أنه كان لا يفتي في الفروج بشيء فيه اختلاف (٢).

وقال سفيان الثوري -رحمه الله-: "أدركت الفقهاء وهم يَكرهون أن يجيبوا في المسائل والفُتيا حتى لا يجدوا بدًّا من أن يفتوا، وقال: أعلم الناس بالفتيا أسكتهم عنها، وأجهلهم بها أنطقهم" (٣).

وسئل مالك -رحمه الله- عن مسألة، فقال: لا أدري، فقيل: هي مسألة خفيفة سهلة فغضب، وقال: ليس في العلم شيء خفيف، أما سمعت قول الله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: ٥] (٤).

وقال أحمد -رحمه الله- في رواية ابن منصور (٥): "لا ينبغي أن يجيب في كل ما يُستفتَى فيه" (٦).

وقد قال أبو بكر الخطيب والصيمري (٧) -رحمهما الله-:

"من حرص على الفتوى وسابقَ إليها وثابرَ عليها قلَّ توفيقه واضطرب في أمره، وإذا


(١) أخرجه الدارمي، المقدمة، باب: من هاب الفتيا، (١/ ٢٤٨) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مقطوعًا، وقال محققه حسين سليم أسد: إسناده صحيح.
(٢) أخرجه الدارمي، المقدمة، باب: من هاب الفُتيا، (١/ ٢٥٦) عن ابن سيرين مقطوعًا، وقال محققه حسين سليم أسد: إسناده صحيح.
(٣) الآداب الشرعية، لابن مفلح، (٢/ ٦٦ - ٦٧).
(٤) المجموع، للنووي، (١/ ٤١).
(٥) أبو يعقوب، إسحاق بن منصور بن بهرام المروزي، نزيل نيسابور، الكوسج الإمام الفقيه الحافظ الحجة، هو أحد الأئمة من أصحاب الحديث من الزهاد والمتمسكين بالسنة، وهو صاحب المسائل عن أحمد بن حنبل، سمع سفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، والنضر بن شميل، ويحيى بن سعيد القطان، ولد بعد السبعين ومائة، وتوفي سنة ٢٥١ هـ. طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى، (١/ ٣٠٣)، سير أعلام النبلاء، للذهبي، (١٢/ ٢٥٨).
(٦) الآداب الشرعية، لابن مفلح، (٢/ ٦٢).
(٧) أبو القاسم، عبد الواحد بن الحسين بن محمد القاضي، الصيمري، نزيل البصرة، أحد أئمة المذهب، كان حافظًا للمذهب حسن التصانيف، ومن تصانيفه: الإيضاح فى المذهب نحو سبعة مجلدات، والكفاية، وكتاب في القياس والعلل، وكتاب صغير في أدب المفتي والمستفتي، وكتاب في الشروط، توفي بعد سنة ٣٨٦ هـ. طبقات الفقهاء، للشيرازي، (ص ١٢٥)، طبقات الشافعية الكبرى، لابن السبكي، (٣/ ٣٣٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>