للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصريحة على الدلالة الخفية، لكن قد يخفى من وجوه الدلالات عند بعض الناس ما قد يكون بينًا وواضحًا عند البعض الآخر، فلا تعارض في نفس الأمر عندئذٍ.

أما أن يكون الدليلان قطعيين -سندًا ومتنًا- ثم يتعارضان، فهذا لا يكون أبدًا، لا بين نقليين، ولا بين عقليين، ولا بين نقليٍّ وعقليٍّ" (١).

وخلاصة اعتقاد أهل السنة في هذا الباب: "أن الأدلة العقلية الصريحة توافق ما جاءت به الرسل، وأن صريح المعقول لا يناقض صحيح المنقول، وإنما يقع التناقض بين ما يدخل في السمع وليس منه، وما يدخل في العقل وليس منه" (٢).

وقد أعمل الصحابة -رضي الله عنهم- هذا الأصل، وتلقاه عنهم التابعون، وتواترت عبارات أهل العلم بهذا المعنى.

يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: "كل شيء خالف أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سقط، ولا يقوم معه رأي ولا قياس، فإن الله تعالى قطع العذر بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فليس لأحد معه أَمْرٌ ولا نهي غير ما أمر هو به" (٣).

وعليه فإذا كان التعارض بين نصين فعلى المستنبط العناية بالآتي مراعيًا الترتيب:

١ - الجمع والتوفيق بين المتعارضين بوجه مقبول.

لأنه إذا أمكن ذلك، ولو من بعض الوجوه، كان العمل بهما متعينًا، ولا يجوز الترجيح بينهما؛ لأن إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما بالكلية.

٢ - الترجيح بين الدليلين بأحد المرجحات.


(١) منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة، لعثمان بن علي حسن، مكتبة الرشد، الرياض، ط ٥، ١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م، (١/ ٣٦٦).
(٢) درء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية، (٢/ ٣٦٤).
(٣) الأم، للشافعي، (٢/ ٥٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>