حكم آخر ثبت بدليل خاص أو قياس خفي، أو انتقال من حكم في مسألة مندرجة تحت قاعدة كلية أو أصل عام إلى حكم مستند للضرورة أو الحاجة أو المصلحة أو مقتضى العرف والعادة.
وبذلك يتضح أن الاستحسان أداة من أدوات تغير الفُتيا "وأنه من أهم الأصول التطبيقية التي تنتج أحكامًا متغيرة وفق الحاجة، فهو طريقة عملية في تطبيق أدلة الشريعة وقواعدها، عندما تصادم واقع الناس في بعض جزئياتها، فهو النافذة التي يطل منها الفقيه على واقعهم، فيرفع عنهم الحرج ويدفع الضرر، ويحقق المنافع بتطبيق مبادئ الشريعة وأصولها، وهذا يتحقق حينما يكون إعمال الدليل على عمومه في بعض الحالات يؤدي إلى فوات مصلحة الدليل أو إلى تحصيلها وتفويت ما هو أعظم منها، فهنا لا يؤخذ بعموم الدليل في هذه الحالة؛ لأن الشارع لم يقصد بتطبيق هذا الدليل العام الحالات التي يؤدي منها تطبيق هذا العموم إلى ضرر، أو عدم حصول المصالح المقصود تحصيلها بهذا الدليل العام، فهنا يدخل الاستحسان ليبين خروج هذه الحالة من العموم ووجه عدم انطباق المصلحة عليها"(١).
فالاستحسان -إذن- أداة لتغير الفتيا، يعطي المفتي مساحة من المرونة يلتمس فيها المصلحة المتفقة مع مقاصد الشرع "بحيث إذا عرضت واقعة يقتضي عموم النص فيها حكمًا أو يقتضي الأصل الظاهر حكمًا فيها أو يقتضي تطبيق الحكم الكلي حكمًا فيها، وظهر للمجتهد أن لهذه الواقعة ظروفًا وملابساتٍ خاصة تجعل تطبيق النص العام أو الحكم الكلي عليها أو اتباع القياس الظاهر فيها يُفَوِّتُ المصلحة، أو يؤدي إلى مفسدة،
(١) الفقه التطبيقي: رؤية جديدة لفقه متغير، لعبد الله العلويط، (ص ٣٨).