البيع، والنكاح، وسائر المعاملات، وتشتمل على الرخص، وكل ما فيه تيسير وتوسعة؛ لتمكين المكلَّفِ من القيام بما كُلِّفَ به دون مشقة.
ويلحق بها كذلك: المصالح التحسينية، وهي كل ما يعود إلى العادات الحسنة والأخلاق الفاضلة، والمظهر الكريم والذوق السليم، مما يجعل الأُمَّةَ أُمَّةً مرغوبًا في الانتماء إليها، والعيش في أحضانها.
فهذه المصالح العظيمة والمقاصد التي قصد الشارع إلى تحقيقها؛ كجلب المصالح، ودرء المفاسد، وحفظ النظام العام، والحرص على عمارة الأرض، ودفع الحرج عن المكلفين، وقاعدة المشقة تجلب التيسير، وقاعدة العدل والإحسان ونحوها، لا بدَّ من إحاطة المفتي بها، والتمرس على تطبيقها والتعمق فيها، وأن يربط بين الدليل الجزئي من آية وحديث، وبين الكليات العامة والمقاصد الشرعية.
وإذا لم يراعِ المجتهد مقاصد الشريعة زلَّ؛ ولذا قال الشاطبي -رحمه الله-: "فزلة العالم أكثر ما تكون عند الغفلة عن اعتبار مقاصد الشرع في ذلك المعنى الذي اجتهد فيه"(١).
وما الأقوال الشاذة المهجورة والتخبط في الفُتيا والاضطراب في الترجيح إلا نتاج لإهمال مراعاة مقاصد الشريعة، والتجافي عن هذا الأصل الأصيل والركن الركين من أركان الفُتيا، ذلكم أن الاجتهاد لن ينضج، ولن يقوم إلا بمراعاة المقاصد فتتسع المدارك ويستوعب الناظر نوازل الحياة بكل تقلباتها وتشعباتها.
قال الشاطبي -رحمه الله-: "ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها