للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمام المذهب إذا لم يوجد عنه في المسألة نص، وأنهم يجوزون الإفتاء بذلك، وينسبون هذا القول المستنبط بالإلحاق والقياس إلى مذهبهم تخريجًا على المنقول عن إمامهم.

وهذا عملهم جارٍ على هذا النسق من قرون عديدة، قال ابن الصلاح عنه: "عليه العمل، وإليه مفزع المفتين من مُدَدٍ مديدة" (١).

وقال ابن أمير الحاج -عن أصحاب الوجوه والتخريج-: "والذي أظنه قيام الإجماع على جواز فتيا هؤلاء، وأنت ترى من علماء المذاهب ممن وصل إلى هذه المرتبة، هل منعهم أحدٌ الفتوى، أو منعوا هم أنفسهم عنها" (٢).

ومع هذا فقد وُجِدَ من الفقهاء من ينكر هذا العمل بدرجات متفاوتة.

فمحققو الحنفية ينصون على أن ما في المتون والشروح مقدَّم على ما في الفتاوي؛ وذلك لأن مسائل المتون والشروح هي المنقولة عن أئمة الحنفية الثلاثة أو بعضهم بخلاف الفتاوي؛ فإن الإفتاء "مبني على وقائع تحدث لهم، ويسألون عنها، وهم من أهل التخريج، فيجيب كل منهم بحسب ما يظهر له، تخريجًا على قواعد المذهب، إن لم يجد نصًّا، ولذا ترى في كثير منها اختلافًا، ومعلوم أن المنقول عن الأئمة الثلاثة، ليس كالمنقول عمن بعدهم من المشايخ" (٣).

وأبو بكر بن العربي يذهب إلى أنها لا تزيد عن أمور يتفقه بها الفقيه، وعند العمل يعول في حكم النازلة على الأدلة الأصلية!

يقول -رحمه الله-في تفسير قوله تعالى-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] "ولذلك قال علماؤنا رحمة الله عليهم: إن المفتي بالتقليد إذا خالف نَصَّ الرواية في نص


(١) أدب الفتوى، لابن الصلاح، (ص ٤٤).
(٢) التقرير والتحبير، لابن أمير الحاج، (٣/ ٤٦٤).
(٣) حاشية ابن عابدين، (٩/ ٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>