وقامت دولة الإسلام مرهوبة الجانبِ، متسعة الجوانب، وقيل للسحابة أمطري حيث شئتِ فسوف يأتيني خراجُكِ! ويومَهَا اعتقد المسلمون -وبحقٍّ- أنَّ هذا الدين قد ظهر على الدين كلِّهِ، وقد انتهى وعدُ الله إلى غايته، وبلغ منتهى مقصوده، إلَّا أنَّ ذلك العطاءَ الربانيَّ لهذه الأمة غيرُ مجذوذٍ ولا مقطوعٍ ولا ممنوعٍ؛ بل هو ممتد ما امتدَّ بالخلق زمانٌ، وما حواهم على الأرض مكانٌ، ويكفي في بلوغِ حُجَّةِ الله الآفاقَ أن يُرفع الأذان بالتكبير والتهليل والتوحيد لتسمعه اليوم كُلُّ الآذان.
وتلك فرحة كبرى ومنة عظمى على أهل الإسلام، قال تعالى:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: ٥٨].
لقد امتدَّ عطاء الأمة الخيرة ليصلَ إلى قارات الدنيا بِأَسْرِهَا، وليوجد ثلث المسلمين موزعين في بلاد لا يَدينُ أكثر أهلها بالإسلام.
وغدا المدُّ الإسلامي متناميًا يفتح القلوب ويبشر بالدين الحق، وكما فتح التجار المسلمون بالأمس جنوب شرق آسيا بالدعوة السِّلْمية، يفتح المسلمون اليوم بلادًا ويشرقون على القلوب في المشارق والمغارب بعقيدتِهِمُ السمحةِ، وشريعتِهِمُ الغرَّاءِ، وخُلُقِهِمُ الرفيعِ.
وكلَّمَا وقعت أزمة، أو حدثت مشكلة انجفَلَ الناسُ في تلك الديار نحو المنهج الإسلامي في حل تلك المعضلة، ومواجهة تلك النازلة، ولو كانوا على خلاف الملَّة!
وعلى سبيل المثال فإنَّ الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرةَ والتي عمَّتْ أوروبا وأمريكا وطالتْ جهاتٍ عديدةً في العالم وضعت أوروبا -تحديدًا- أمام خيارين إمَّا "البابا" وإمَّا "القرآن"؛ فقد جاء في افتتاحية مجلة (تشالينجيز) وعلى لسان رئيس تحريرها (بوفيس فانسون) ولأول مرة يطالب خبراءُ غربيون بقراءة القرآن، بدلًا من "الإنجيل" لاكتشاف دور المسيحية الكاثوليكية في تبرير انتهازية الليبرالية المتوحشة.
ولأول مرةٍ تتساءل الصحفُ الغربية عمَّا إذا كانت (وول ستريت) قد تأهلت لاعتناق