الشرعية، وغابت علاماتها في بعض دول وبلاد نائية نحو القطبين، حيث قد يطول النهار جدًّا على حساب الليل، والعكس يتكرر أيضًا، حتى نصل إلى ستة أشهر من ليلٍ مستمر في القطب الشمالي، وستة أشهر مثلها من نهار مستمر في القطب الجنوبي، كما أن دولًا أوروبية كثيرة تُفْقَدُ فيها أوقات كوقت العشاء، فلا تتميز علاماته، فلا يظهر غياب الشفق الأحمر حتى يخالطه بياض الصبح، فلا يظهر بدء وقتها ولا خروجه؟
ومثل هذا يعتبر نازلةً من نوازل تلك الأقليات المسلمة التي تعيش في تلك الديار، ولم يَصِلْنَا كلامٌ لفقيه من الصحابة أو التابعين أو الأئمة الفقهاء المتبوعين في هذه المسألة، إلا عند متأخري الفقهاء، ثم عند العاصرين.
والمقصود إيجاد حلول فقهية لمشكلات تلك البلاد ذات الطبيعة الجغرافية التي لا تتوافر فيها جميع المواقيت الشرعية للصلوات الخمس، ولا سيما آخر وقت المغرب، ووقت العشاء دخولًا وخروجًا، وأول وقت الفجر.
وهذا بيان عن تصوير المسألة:
أما تكييفها الشرعي: فتعود هذه المسألة إلى باب المواقيت، وحكم من لم يجد وقتًا لأداء الصلوات الخمس، وهل تَسقط الصلوات التي لم يوجد وقت لأدائها؟ وذلك لأن الوقت سبب الوجوب، فإذا عدم السبب -وهو الوقت- هل يعدم المسبَّب وهو الوجوب؟! (١)
وقد عبَّر بعض الفقهاء عن هذه الحالة بتعابيرَ مختلفةٍ ومتباينة، كقولهم:
- حكم البلاد التي لا يغيب فيها الشفق.
- حكم البلاد التي يُفقد فيها وقت العشاء.
(١) حاشية ابن عابدين، (٢/ ١٨ - ٢٣)، بلغة السالك لأقرب المسالك، لأحمد الصاوي، تحقيق: محمد عبد السلام شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م، (١/ ١٥٥).