بعد تسليم وجوب الصلوات الخمس في اليوم والليلة على كل مسلم ومسلمة بالأدلة المتواترة، بل بما عُلِمَ من دين الإسلام بالضرورة، فإن فقدان علامات بعض الصلوات لا يؤدي إلى إسقاطها وعدم وجوبها.
وبعد تسليم أن وقت صلاتي العشاء والفجر لا يكون إلا خلال الليل الذي يبدأ بغروب الشمس وينتهي بشروقها، فإن سبب الخلاف ومرجعه يعود إلى نصٍّ واحد، هو حديث الدَّجَّال المشهور، وهو حديث طويل، فيه أن الصحابة سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مدة لبثه في الأرض، فقال:"أربعون يومًا، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم"، قلنا: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذلك اليوم الذي كسنةٍ تكفينا فيه صلاة يوم؟ قال:"لا، اقدروا له قدره. . ."(١).
وعليه، فقد جرى الخلاف حول معنى قوله:"فاقدروا له قدره" وهل المقصود كمال العدد في اليوم الذي كأسبوع، فَتُصَلَّى خمسٌ وثلاثون صلاةً، وهكذا يزيد العدد في اليوم الذي كشهر، ثم في اليوم الذي كسنة، ويُصَلَّى في سائر الأيام خمسُ صلوات.
ثم هل يجري قياسٌ في العبادات؟ وهل يجري فيها تعليل؟ وهل يمكن تحديد علامات جديدة عوضًا عن الغائبة؟
وهل يُعتبر هذا إيقافًا للعمل بنصٍّ من النصوص بالاجتهاد، وهل لقواعد: المشقة تجلب التيسير، وإذا ضاق الأمر اتَّسَعَ، ورعاية المآلات، ونحوها -دخل في هذا المجال من نوازل الأقليات؟
لكلِّ ما سبق وَقَعَ الخلاف بين المعاصرين في هذه المسألة المهمة، وهي تنقسم إلى حالتين نتناولهما في المطلبين التاليين:
(١) أخرجه: مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، (٢٩٣٧)، من حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه-.