اجتهاد، كما تبين أيضًا مفهوم الأقليات المسلمة وأنها كل مجموعة مسلمة تعيش بين مجموعة أكبر منها لا تدين بالإسلام.
وعليه؛ فإن فقه نوازل الأقليات المسلمة: هو ذلك الفرع العلمي الذي يبحث في المسائل والوقائع المستجدة للأقليات المسلمة خارج ديار الإسلام.
وإذا كان مصطلح الأقليات إنما ولد في الغرب هذا القرن، وإذا كان مصطلح فقه الأقليات المسلمة لا يتجاوز عمره ثلاثة عقود؛ فإن مصطلح نوازل الأقليات المسلمة أو فقه النوازل للأقليات المسلمة هو وليد السنوات القليلة الماضية، حيث تلاحقت أحداث جسام وتقدمت الحياة التقنية بشكل مذهل من جهة، وعملت الأقليات المسلمة على خوض غمار التفاعل الإيجابي في تلك البلاد من جهة أخرى، ودارت الآلة العسكرية الغربية ضد المسلمين حول العالم من جهة ثالثة، وهكذا تحاول تلك الأقليات أن تشق طريق البقاء، وترفع شعار توطين الدعوة والدعاة في تلك البلاد، وتبحث مشاكلها الشرعية والاجتماعية والسياسية، وتوجد لها الحلول العملية والواقعية المستندة إلى الشريعة الإسلامية الغراء، التي تفي بحاجات أهل كل عصر في كل مكان، وتحت كل الظروف.
وفقه نوازل الأقليات ما هو إلا فرع من الفقه، أو فرع من فقه النوازل يستمد من نفس المصادر، ويرجع إلى عين القواعد الأصولية والفقهية التي يرجع إليها الفقه والفقهاء في كل عصر ومصر؛ إلا أنه يتجه إلى شيء من التخصص، مع التركيز على جملة من الثوابت والضوابط.
وهو فقه اصطلاحي تاصيلي لا تسويغي تبريري، يحفظ الحياة الدينية للأقليات المسلمة ويراعي خصوصيتها، وجوانب الضرورة في حياتها، ويتعامل مع قواعد الموازنة بين المصالح والمفاسد.
وسيأتي في أثناء هذا البحث -بمشيئة الله- ما يؤكد على هذه المعاني، وينبه إلى هذه القواعد المهمة بالتفصيل.