للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشوكاني: "وأما إذا كانت الزيادة مشروطة في العقد فتحرم اتفاقًا" (١).

ثانيًا: وقد اتفقوا -أيضًا- على حرمة الربا مطلقًا بين المسلم وغيره في دار الإسلام؛ بل إن الفقهاء نصُّوا على منع المستأمَنين والذميين من التعامل بالربا فيما بينهم في دار الإسلام باتِّفاق.

يقول السرخسي: "فإن دخل تجارُ أهلِ الحرب دارَ الإسلام بأمان، فاشترى أحدهم من صاحبه درهمًا بدرهمين، لم أُجِزْ من ذلك إلا ما أُجيزه بين أهل الإسلام، وكذلك أهل الذمة إذا فعلوا ذلك؛ لأن مال كل واحد منهم معصوم متقوم ولا يتملكه صاحبه إلا بجهة العقد، وحرمة الربا ثابتة في حقِّهم، وهو مستثنًى من العهد؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى نصارى نجران: "إلا من أربى؛ فليس بيننا وبينه عهد" (٢) وكتب إلى مجوس هجر: "إمَّا أن تَدَعُوا الربا أو تأذنوا بحرب من الله ورسوله" فالتعرض لهم في ذلك بالمنع لا يكون غدرًا بالأمان؛ وهذا لأنه ثبت عندنا أنهم نُهُوا عن الربا، قال تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْه} [النساء: ١٦١] فمباشرتهم ذلك لا تكون عن تدين؛ بل لفسق في الاعتقاد والتعاطي، فَيُمْنَعُون من ذلك، كما يُمْنَعُ المسلم" (٣).

ثالثًا: اتفق الفقهاء -أيضًا- على أنه إذا دخل المسلم في دار الحرب بأمان من أهلها فلا يجوز له أن يعطي الربا فيها للحربي.


(١) نيل الأوطار، للشوكاني، (٥/ ٢٧٦).
(٢) أخرجه: ابن أبي شيبة في "مصنفه"، (١٤/ ٥٥٠) من حديث الشعبي مرسلًا، قال: "كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل نجران -وهم نصارى-: أن من بايع منكم بالربا فلا ذمة له"، والإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "الأموال"، (٥٠٣)، من حديث أبى المليح الهذلي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صالح أهل نجران وكتب لهم كتابًا. . . فذكر الحديث، وفيه: "على أن لا يأكلوا الربا، فمن أكل الربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة. . . " الحديث.
والحديث بلفظ: "إلا مَن أربى. . . " قال عنه الزيلعي في "نصب الراية": "غريب"، وقال الحافظ ابن حجر في "الدراية"، (٢/ ٦٤): "لم أجده بهذا اللفظ".
(٣) المبسوط، للسرخسي، (١٤/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>