للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على تحريمه بخبر مجهول لم يَرِدْ في صحيح ولا مسندٍ ولا كتابٍ موثوقٍ به" (١).

وعلى فرض ثبوته؛ فإنه يحتمل النهي، كقوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧]، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال إذا كان صحيحًا؛ فكيف إذا كان ضعيفًا لا تقوم به الحجة وكان محتملًا؟ وكيف يُقَدَّمُ على الأدلة القطعية، ولا يجمع بينهما؟

قال السبكي: "واعتضد هذا الاحتمال بالعمومات" (٢).

٢ - حديث ربا العباس: وأما استشهادهم بعدم رَدِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لربا العباس إلا يوم فتح مكة رغم أنه كان مسلمًا من قبلُ بمكةَ، وكان تحريم الربا يومَ خيبر، ولم يرد ما كان منه ربا؛ لأن مكة كانت دار حرب إلى أن صارت دار إسلام بفتحها؛ ففيه نظر، بل هو ضعيف؛ وذلك لأمور (٣):

أ - لو سُلِّمَ أن العباس كان يتعامل بالربا في مكة؛ لأنها كانت دار حرب، فكيف يُفسَّر استمراره على التعامل به بعد فتح مكة وصيرورتها دارَ إسلام منذ السنة الثامنة من الهجرة وحتى خطبة الوداع في السنة العاشرة؟!

ب - أنه يحتمل أن يكون المراد ما كان له من ربا قبل تحريم الربا، أو قبل إسلام العباس؛ إذ ليس هناك ما يدل على استمراره في التعامل إلى ما بعد إسلامه.

ج - أنها واقعةُ عينٍ لا عمومَ لها؛ ولعل ذلك لأمورٍ خاصة بإقامة العباس بمكة، وهي دارُ كفرٍ يومئذٍ، وقد أباح النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمِّهِ العباسِ -رضي الله عنه- ما هو أعظم من ذلك


(١) المغني، لابن قدامة، (٦/ ٩٩).
(٢) تكملة المجموع، لتقي الدين السبكي، (١١/ ٢٢٩).
(٣) أحكام التعامل بالربا بين المسلمين وغير المسلمين في ظل العلاقات الدولية المعاصرة، د. نزيه حماد، دار الوفاء، جدة، ط ١، ١٤٠٧ هـ، (ص ٢٨ - ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>