تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٢ - ٣]، وأن من ترَكَ شيئًا لله عَوَّضَهُ الله خيرًا منه.
ب - والابتلاء سنة الله في الأولين والآخرين والتضحية سبيل قاصد لإقامة الدين.
وَلَعَمْرُ الله، لو نظر المسلمون الأوائل هذه النظرة لَمَا هاجروا وتركوا أوطانهم وأموالهم وأهليهم، وبذلوا مهجهم وأرواحهم، ولمات الإسلام في مهده، وهؤلاء ما نقصهم الإسلام إذ نقصت أموالهم، بل زادهم وزكَّاهم وطهَّرهم وأعزَّهم.
ج - إذا قيل بجواز ارتكاب المحارم بمثل هذا الوهم، فإنه يفضي إلى انحلال المسلم من الدين جملة، فالتاجر سيخشى كساد تجارته إنْ تَرَكَ الربا والغشَّ والغررَ، وهكذا كلُّ صاحبِ صنعةٍ محرَّمَةٍ.
وقد تَوَجَّسَ بعضُ الناس خِيفةً من تحريم قربانِ المشركين المسجدَ الحرامَ لِمَا توهموه بعقولهم من أنه سيؤدي إلى بوار التجارات، وكساد السلع، فقال سبحانه:{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ}[التوبة: ٢٨].
٢ - ما ذكروه من أنَّ المسلم غيرُ مكلَّفٍ بإقامة أحكام الشرع المدنية والمالية والسياسية ونحوها مما يتعلق بالنظام العامِّ في مجتمعٍ كافرٍ، وإنما يُطَالَبُ بإقامة الأحكام الشخصية. . . إلخ.
ويناقش بما يلي:
أ - إنَّ هذا الكلام بهذا الإطلاق لا يستقيم، وَيلزم عليه من اللوازم الباطلة ما يدل على بطلانه؛ إذ فيه فتحُ الباب لهؤلاء المسلمين المغتربين للتفلت من جميع أحكام المعاملات المدنية والسياسية والمالية بدعوى أنها خارج حدود الوسع والطاقة، فلا يقف الأمر عند حد الضرورات ولا الحاجات؛ بل يصبح الأصل فيه هو الحِل ما دام قد خرج عن إطار التكليف، فلا شيء -حينئذٍ- إنْ فُتِحَ بابُ الربا في عامة المعاملات التي يتعامل بها التجار؛ إذ هو -كما قيل- جزء من ثقافة المجتمع وهويته، ولا يلزم المسلم تغييره، ولا إقامة أحكام