للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنه تجدر ملاحظة أن مفهوم الأقليات ارتبط غالبًا بالاستضعاف، وإن كان هذا لا يمنع من أن تتحول الأقلية المسلمة في بلد ما إلى أكثرية عددية قوية، ببركة الدعوة إلى الإسلام، وتتحول البلاد التي تقوم فيها الأقلية بالدعوة إلى بلاد إسلامية، وقد وقع هذا في ماليزيا، وإندونيسيا بحمد الله.

كما أنه لا يخفى أن بعض البلاد يوجد فيها المسلمون بعدد أكبر من غيرهم، فهم في الواقع العددي والإحصائي أكثرية، إلا أن مقاليد الأمور بيد غيرهم، وذلك واقع اليوم في مثل كوسوفا وألبانيا وتنزانيا ولبنان وأثيوبيا (١)، كما تجدر ملاحظة أخرى، وهي أن الأقليات المسلمة الممكَّنة لا ينبغي أن ينظر إليها على أنها أقلية إذا كانت مسيطرة سياسيًّا واجتماعيًّا، بل وتباشر الحكم أيضًا، كما هو الحال حين كانت شبه القارة الهندية تحت حكم الأقليات المسلمة لقرابة سبعمائة عام، وذلك قبل الاحتلال البريطاني للهند، واليوم ينظر للمسلمين في الهند على أنهم أقلية مستضعفة، وإن كان عددهم اليوم يصل إلى ١٥٠ مليون مسلم.

ولا تفوت الإشارة إلى أن الأقليات المسلمة في كل بلد لها خصوصيتها التاريخية والاجتماعية والسياسية، وأحيانًا كان للاستعمار دور خطير في إضعافها، ولها هي أيضًا دور كبير في إنهائه، كما أن لكل أقلية خصوصيتها في تحولها إلى الإسلام سواء أكان ذلك عن طريق الفتح الإسلامي، أم عن طريق الدعوة إلى الله عبر التجار المسلمين.

وأخيرًا -وقبل مغادرة هذه النقطة- يتعين إيضاحٌ بشأن أحد أسباب نشوء الأقليات، وهو هجرة المسلمين إلى بلاد غير المسلمين؛ إذ الأصل ألا يهاجر المسلم إلى غير بلاد الإسلام ليعيش فيها، ويقيم بشكل دائم ومستمر، كما سيأتي حكمه تفصيلًا،


(١) مسئولية المسلمين المواطنين في دول غير إسلامية، راشد دورياو، ضمن بحوث مؤتمر الأقليات المسلمة في العالم ظروفها المعاصرة، آلامها، وآمالها، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر، ١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م، (١/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>