للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخرجًا عن دائرة الإيمان إلى الكفر حتى يأتي النسخ بالشريعة الإسلامية التي جاء بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

القول الثاني: للجمهور، فهم يرون أن الذين تهوَّدوا أو تنصَّروا بعد بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يُعَدون كذلك من أهل الكتاب باعتبار أصل العقيدة، ولا تأثير على حل ذبائحهم وحل نسائهم للمسلمين بسبب التحريف والتبديل والنسخ، ولكونهم منكرين لنبوة رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا كافرين، وباعتقادهم بالتثليت أصبحوا مشركين، وهذا باعتبار ما ابتدعوا وما صاروا إليه لا باعتبار أصل الدين.

ويترجح القول الثاني بما يلي:

١ - لم يخاطب القرآن أهل الكتاب إلا الموجودين وقت نزوله، وهم اليهود والنصارى بعد أن حدث التبديل والنسخ؛ فالمقصود بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} [النساء: ٤٤]، جاء بيانه في الآية التي تليها مباشرة أن المقصود بالذين أوتوا الكتاب هنا هم اليهود، فقال تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: ٤٦]، ومِنْ لبيان الجنس هنا، مما يفيد أن الذين هادوا هم أهل الكتاب.

٢ - قد استفاض أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فتحوا الشام والعراق ومصر كانوا يأكلون من ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وذلك بعد التبديل بالطبع، وعلى هذا عمل أهل الإسلام من بعد (١).

وبعد هذا البيان فإن المقصود بغير المسلمات صنفان:


(١) تفسير ابن كثير، (٣/ ٤٢)، تفسير القرطبي، (٦/ ٧٨)، فتح الباري، لابن حجر، (٩/ ٦٣٦)، بداية المجتهد، لابن رشد، (١/ ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>