للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرأة بنت قبولَها على غير ما أراد" (١).

وأما ما صدر عن مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا فلم تَبْدُ فيه إشارة إلى هذه الصورة، وكأن المجمع لا يرى تفصيلًا في مشروعية هذه الصورة، فيلحقها بغيرها في الحرمة.

وهذه الصورة قد سبق ما يدل على مشروعيتها بشروطها وصحتها قضاءً وديانةً، وغاية ما قد يقال فيها هو الكراهة من باب الديانة لا غير، وليس الكراهة التحريمية كما مال إليها بعض الباحثين (٢).

قال مالك: "ليس هذا من الجميل، ولا من أخلاق الناس" (٣) وعند الشافعية كراهة ذلك؛ لأنه لو صرَّحَ لبطل النكاح (٤) والقول بأن هذا غشٌّ محرم مردود بأنه قد لا يفعل وقد يمسكها بعد قضاء حاجاته، وقد يُتَوَفَّى عنها قبل ذلك، وقد تُتَوَفَّى هي عنه قبل الطلاق، قال ابن رشد الجد: "إذ قد ينكح الرجل المرأة وفي نيته أن يفارقها، ثم يبدو له فلا يفارقها، وينكحها ونيته ألا يفارقها ثم يبدو له فيفارقها" (٥).

وقد يَرِدُ على فتوى المجمعين أنها مخالفة لقاعدة النظر إلى المآلات، ونتائج التصرفات، فقد يلجأ الشاب إلى ممارسات أو معاملات أشد فسادًا وأبعد عن المشروعية كما أن له آثارًا سلبية على المرأة أيضًا.

يقول الشيخ عبد الله بن بَيَّه: "هذه الفتوى بالإضافة إلى ضعف مستندها، فإنها مخالفة لقاعدة النظر إلى المآلات، من جهة أن الشاب الذي يُمْنَعُ من هذا النوع الأخير


(١) قرارات وفتاوي المجلس الأوروبي، المجموعتان الأولى والثانية، (ص ٥٧ - ٥٨).
(٢) فقه الأقليات المسلمة، لخالد عبد القادر، دار الإيمان، طرابلس، ط ١، ١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م، (ص ٤٥١).
(٣) البيان والتحصيل، لابن رشد، (٤/ ٣٠٩)، المنتقى شرح الموطأ، لأبي الوليد الباجي، (٥/ ١٤٢).
(٤) تحفة المحتاج، للهيتمي، (٧/ ٣١٢).
(٥) البيان والتحصيل، لابن رشد، (٤/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>