للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمل، فلا يُنقص من ثواب حسناته ولا يُزاد (١) في سيئاته. ونظير هذا قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (١١٢)} [طه/ ١١٢] أي: لا يخاف زيادة في سيئاته ولا نقصًا في حسناته (٢).

وأيضًا فقد قال تعالى في سورة الرحمن: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٧)} وذكر ما في الجنَّتين إلى قوله: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦)}. وهذا يدلّ على أنَّ ثواب محسنهم الجنَّة من وجوه:

أحدها: أنَّ "مَنْ" من صيغ العموم، فتتناول كلّ خائف.

الثاني: أنَّه رتَّب الجزاءَ المذكور على خوف مقامه، فدلّ على استحقاقه به.

وقد اختلف في إضافة المقام إلى الربّ: هل هي من إضافة المصدر إلى فاعله، أو إلى مفعوله؟ على قولين (٣): أحدهما: أنَّ المعنى: ولمن خاف مقامه بين يدي ربه. فعلى هذا هو من إضافة المصدر إلى المفعول. والثاني: أنَّ المعنى: ولمن خاف مقام ربه عليه واطلاعه عليه. فهو من باب إضافة المصدر إلى فاعله. وكذلك القولان في قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠)} [النازعات/ ٤٠]. ونظيره قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (١٤)} [إبراهيم/ ١٤] فهذه ثلاثة مواضع.


(١) "ك، ط": "يزداد".
(٢) "ك": "زيادة سيئاته ولا نقصان من حسناته"! وكذا في "ط" بحذف "من".
(٣) انظر: تفسير البغوي (٧/ ٤٥١)، والكشاف (٤/ ٤٥١).