للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصنامَهم وأوثانَهم، فتتساقط بهم في النار. ويتولّى عابدو الشمس والقمر والنجوم آلهتهم، فإذا كوّرت الشمس، وانتثرت النجوم اضمحلّت تلك العبادة، وبطلت، وصارت حسرةً عليهم {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)} [البقرة/ ١٦٧].

ولهذا كان المشرك من أخسر الناس صفقةً وأغبنهم يوم معاده، فإنه يحال على مفلس كلَّ الإفلاس بل على عدم، والموحّد حوالته على المليء الكريم، فيا بُعدَ ما بين الحوالتين!

وقوله: "البراءَة من رؤية الملكة". ولم يقل "من الملكة" (١) لأنّ الإنسان قد يكون فقيرًا لا ملكة له في الظاهر، وهو عرفي عن التحقّق (٢) بنعت الفقر الممدوحِ أهلُه الذين لا يرون مَلَكةً إلّا لمالكها الحقّ ذي (٣) الملك والملكوت. وقد يكون العبد قد فُوض إليه من ذلك شيءٌ وجُعِلَ كالخازن فيه، كما كان سليمان بن داود -صلى اللَّه عليه وسلم- أوتي مُلْكًا لا ينبغي لأحد من بعده، وكذلك الخليل وشعيب والأغنياءُ من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكذلك أغنياءُ الصحابة. فهؤلاءِ لم يكونوا بريئين من الملكة في الظاهر، وهم بريئون من رؤية الملكة لنفوسهم، فلا يرون لها ملكًا حقيقيًا، بل يرون ما في أيديهم للَّه عاريةً ووديعةً في أيديهم، ابتلاهم به لينظر هل يتصرّفون فيه تصرَّفَ العبيد أو تصرَّفَ الملّاك الذين يعطون لهواهم ويمنعون لهواهم.


(١) بلى، كذا ورد في بعض نسخ منازل السائرين التي اعتمد المؤلف عليها في مدارج السالكين (٢/ ٤٩٧).
(٢) "ف، ك": "التحقيق"، خطأ.
(٣) في الأصل: "ذو"، سهو، وكذا في "ن".