للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلطان المحبة، واستيلاء المحبوب على قلبه بحيث يغيب عن ملاحظة سواه (١)، وفي مثل هذه الحال يقول: "سبحاني" أو "ما في الجبة إلا اللَّه" (٢)، ونحو هذا من الشطحات التي نهايتها أن تُغفرَ (٣) له ويُعذر لسكره وعدم تمييزه في تلك الحال.

فالتعبد بهذا الاسم هو التعبد بخالص المحبة وصفو الوداد، وأن يكون الإله سبحانه أقرب إليه من كل شيء وأقرب إليه من نفسه، مع كونه ظاهرًا ليس فوقه شيء.

ومن كثُفَ ذهنُه وغلُظ طبعُه عن فهمِ هذا فليضرِبْ عنه صفحًا إلى ما هو أولى به (٤)، فقد قيل:

إذا لم تستطع شيئًا فدعه ... وجاوِزْه إلى ما تستطيع (٥)

فمن لم يكن له ذوقٌ مِن قرب المحبة، ومعرفةٌ بقرب المحبوب من محبّه غاية القرب، وإنْ كان بينهما غايةُ المسافة -ولاسيما إذا كانت المحبة من الطرفين، وهي محبة بريئة من العلل والشوائب والأعراض القادحة فيها- فإنَّ المحبَّ كثيرًا ما يستولي محبوبه على قلبه وذكره،


= هذا الكتاب ص (٢٢٧، ٢٢٨)، والداء والدواء (٢٣٩)، وشفاء العليل (١٩٨)، وجامع المسائل (١/ ٩٢، ١٧١) و (٢/ ٢٠٢)، ومجموع الفتاوى (١١/ ٢٧).
(١) "ط": "ما سواه". وانظر: الوابل الصيب (١٥٩).
(٢) تنسب هذه الكلمات إلى أبي يزيد البسطامي (٢٦١ هـ) انظر مجموع الفتاوى (٨/ ٣١٣)، وسير أعلام النبلاء (١٣/ ٨٨).
(٣) "ك، ط": "يغفر".
(٤) "به" ساقط من "ك"، وبعده فيها: "وقد قيل".
(٥) البيت لعمرو بن معد يكرب في مجموع شعره (١٤٥).