للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ثغري الظاهر والباطن فرضٌ معيَّن (١) مدَّة أنفاس الحياة:

وتنقضي الحربُ، محمودٌ عواقبُها ... للصابرين، وحظُّ الهاربِ الندمُ (٢)

وخَلَعَ على الجوارح خِلَع الخشوع والوقار، وعلى الوجه خلعةَ (٣) المهابة والنور والبهاء، وعلى اللسان خلعةَ الصدق والقول السديد الثابت والحكمة النافعة، وعلى العين خلعة الاعتبار في النظر والغضّ عن المحارم، وعلى الأذن خلعة استماع النصيحة واستماع القول النافع استماعُه للعبد في معاشه ومعاده، وعلى اليدين والرجلين خلعة البطش في الطاعات أين كانت بقوَّة وأيدٍ، وعلى الفرج خلعةَ العفَّة والحفظ؛ فغدا العبدُ وراح يرفُلُ في هذه الخِلَع، ويجرُّ لها في النَّاس أذيالًا وأردانًا (٤).

فغنى النفس مشتقٌ من غنى القلب وفرعٌ عليه، فإذا استغنى سرى الغنى منه إلى النفس. وغنى القلب بما (٥) يناسبه من تحقّقه (٦) بالعبودية المحضة التي هي أعظم خلعة تُخلع عليه، فيستغني حينئذٍ بما توجبه هذه العبودية له من المعرفة الخاصة والمحبة الناصحة الخالصة، وبما يحصل


(١) "ك، ط": "متعين".
(٢) "ن، ك، ط": "محمودًا". ولم أجد البيت.
(٣) "ف": "خلع" خلافًا للأصل.
(٤) من قول ابن إسرائيل الدمشقي:
فواحد فى رياض الأنس منبسط ... يجرّ للتّيه أذيالًا وأردانا
انظر: ذيل مرآة الزمان (٣/ ٤٢٨).
(٥) "ط": "ما".
(٦) "ط": "تحقيقه".