للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصفات. ولذلك كان أكملُ الخلق فيه أعرفَهم باللَّه وأسمائه وصفاته (١)، ولذلك (٢) كان الاسم الدَّالّ على هذا المعنى هو اسم اللَّه جلَّ جلاله، فإنَّ هذا الاسم هو الجامع، ولهذا تضاف الأسماء الحسنى كلُّها إليه، فيقال: الرحمن الرحيم العزيز الغفار القهار من أسماء اللَّه، ولا يقال: "اللَّه" من أسماء الرحمن. قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف/ ١٨٥].

فهذا المشهد تجتمع فيه المشاهدُ كلّها، وكلُّ مشهد سواه فإنَّما هو مشهدٌ لصفة من صفاته. فمن اتسع قلبه لمشهد الإلهيَّة، وقام بحقّه من التعبَّد الذي هو كمالُ الحبّ بكمالِ الذلّ والتعظيم والقيام بوظائف العبودية، فقد تمَّ له غناه بالإله الحقّ، وصار من أغنى العباد. ولسانُ حالِ مثلِ هذا يقول:

غنِيتُ بلا مالِ عن النَّاس كلِّهم ... وإنَّ الغنى العالي عن الشيء لا بِهِ (٣)

فيا لَه من غنًى ما أعظم خطره، وأجلَّ قدره! تضاءَلتْ دونه الممالكُ فما دونها، فصارت بالنسبة إليه كالظلِّ من الحامل له، والطيف الموافي في المنام الذي يأتي به حديثُ النفس، ويطرده الانتباهُ من النوم.


(١) العبارة "ولذلك. . . " إلى هنا ساقطة من "ك، ط".
(٢) "ك": "وكذلك".
(٣) من قصيدة نسبت في المستطرف (٢/ ٤٣) إلى الإمام الشافعي. ومنه في ديوانه - نشرة إحسان عباس (١٧)، والبيت وحده ورد في المستطرف أيضًا (١/ ١١٠) منسوبًا إلى القهستاني، وله في معجم الأدباء (١٦٨٠). وانظر: مفتاح دار السعادة (١/ ٤١٩)، ومدارج السالكين (٣/ ١٥٢).