للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فإِن كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ ... وإنْ كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ)

ولو تبصِرُ الدنيا وراءَ ستورها ... رأيتَ خيالًا في منامٍ سيصرَمُ

كحُلْم بطيفٍ زارَ في النوم وانقضى الـ ... ـمنام وراح الطيفُ والصَّب مغرمُ

وظل أرتْه الشمسُ عند طلوعها ... سيقلِصُ في وقت الزوال ويُفصَمُ

ومُزنةِ صيفٍ طاب منها مقيلُها ... فولت سريعًا والحَرورُ تضرَّمُ

فجُزْها مَمَرًّا لا مَقرًا، وكنْ بها ... غريبًا تعِشْ فيها حميدًا (١) وتسلَمُ

أو ابنَ سبيل قال في ظلِّ دوحةٍ ... وراحَ وخلَّى ظلَّها يتقسَّمُ

أخا سفر (٢) لا يستقرُّ قرارُه ... إلى أن يرى أوطانَه ويُسلِّمُ

فيا عجبًا كم مصرعٍ وعظتْ به ... بنيها (٣) ولكن عن مصارعها عَمُوا

سقَتْهم بكأس الحبِّ حتَّى إذا انتشَوا (٤) ... سقتهم كؤوسَ السُّمَّ والقومُ قد ظَمُوا

وأعجبُ ما في العبد رؤية هذه الـ ... ـعظائمِ منها وهو فيها متيَّمُ

وأعجبُ من ذا أنَّ أحبابها الأُلي ... تُهينُ ولِلأَعداء تَرْعَى (٥) وتُكرِمُ

وذلك برهان على أنَّ قدرَها ... جناحُ بَعوضِ أو أدقُّ وألأَمُ

وحسبُك ما قال الرسولُ ممثِّلًا ... لها ولدار الخلد والحقُّ يُفْهَمُ


(١) "ك": "سعيدًا".
(٢) رسمه في الأصول: "أخى سفر" غير أن ناسخ "ف" ضبط الخاء بالفتحة.
(٣) "ط": "عطبوا به بنيها"! الضمير في "وعظت" راجع إلى الدنيا.
(٤) "ط": "انثنوا"، تصحيف.
(٥) "ط": "للأعداء تُراعي".