للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحاكم في صحيحيهما: "وأسألُكَ (١) لذَّة النظَرِ إلى وجهكَ، والشَّوْقَ إلى لقائِكَ، في غيرِ ضراءَ مُضِرَّة، ولا فتنةٍ مُضِلَّة" (٢).

ولهذا قال تعالى في حقِّ الكفَّار: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦)} [المطففين/ ١٥ - ١٦].

فعذاب الحجاب من أعظم أنواع العذاب الذي يعذَّب به أعداؤه، ولذة النظر إلى وجهه (٣) الكريم أعظمُ أنواع اللذات التي ينعم بها أولياؤه، ولا تقومُ حظوظُهم من سائر المخلوقات مقامَ حظِّهم من رؤيته، وسماع كلامه، والدنو منه وقربه.

وهذان الأصلان ثابتان بالكتاب والسنَّة، وعليهما أهل العلم والإيمان، ويتكلم فيهما مشايخ الطرق العارفون، وعليهما أهل السنة والجماعة، وهما من فطرة اللَّه التي فطر الناس عليها، ويحتجّون على من ينكرهما بالنصوص والآثار تارة، وبالذوقِ والوجد تارة، وبالفطرة تارةً، وبالقياس والأمثال تارةً.

وقد ذكرنا مجموع هذه الطرق في كتابنا الكبير في المحبَّة الذي سمَّيناهُ "المورد الصافي، والظل الضافي" (٤) في المحبة وأقسامها


(١) "ط": "أسألك" دون واو العطف.
(٢) أخرجه أحمد (١٨٣٢٥). والنسائي في الكبرى (١٢٢٩) وابن حبان (١٩٧١) والحاكم (١/ ٥٢٤ - ٥٢٥) من حديث عمار. والحديث صححه ابن حبان والحاكم وأقرّه الذهبي. (ز). وقد شرح المؤلف هذا الحديث في إغاثة اللهفان (١/ ٢٧).
(٣) "ك، ط": "وجه اللَّه".
(٤) وهو الذي ذكر المصنف في مفتاح دار السعادة (١/ ٢١٦) أنَّه سيتبعه بعد الفراغ =